للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣٤ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْكُوفِيُّ قَالَ: كَانَ دَاوُدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَاصِمٍ يَهْوَى جَارِيَةً يُقَالُ لَهَا: وَرْدَةُ ابْنَةُ عَائِذٍ الطَّائِيِّ , فَخَرَجَ يَوْمًا فَاسْتَقْبَلَ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ فِي يَوْمِ بُؤْسِهِ وَهُوَ يُرِيدُهَا , فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى اسْتِقْبَالِي فِي يَوْمِ بُؤْسِي؟ قَالَ: شِدَّةُ الْوَجْدِ , وَقِلَّةُ الصَّبْرِ وَقَالَ: أَلَسْتَ الْقَائِلَ:

[البحر الطويل]

أَلَا لَيْتَنِي مَكَّنْتُ مِنْ وَرْدَةَ الْمُنَى ... بِعَذْلٍ مِنَ الْبُلْدَانِ فِي مَهَمَّةٍ قَفْرِ

نَكُونُ بِهَا فَرْدَيْنِ لَا نَبْغِ ثَالِثًا ... هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَالْحَشْرِ

فَلَا زَادَ عِنْدِي غَيْرُ فَضْلِ سَلَامٍ ... وَأَبْيَضَ مِنْ مَاءٍ زُلَالٍ مِنَ الْقَطْرِ

أُعَانِقُهَا طَوْرًا وَأَلْثَمُ خَدَّهَا ... وَطَوْرًا أُعَاطِيهَا أَحَادِيثَ كَالشَّدْرِ

قَالَ: بَلَى , وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ:

[البحر الوافر]

وَدِدْتُ وَكَاتِبُ الْحَسَنَاتِ أَنِّي ... أُقَارِعُ عُمْرَ وَرْدَةَ بِالْقِدَاحِ

عَلَى ذَبْحِي بِأَبْيَضَ مَشْرَفِيٍّ ... وَكَوْنِي لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَّاحِ

فَإِنْ تَكُنِ الْقِدَاحُ عَلَيَّ تُلْقَى ... ذُبِحْتُ عَلَى الْقِدَاحِ بِلَا جُنَاحِ

وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ لِينُ خَدِّي ... لَهَوْتُ بِكَاعِبٍ خُودٍ رِدَاحِ

⦗٣٩٨⦘

لَأَوَّلِ لَيْلَتِي حَتَّى إِذَا مَا ... أَضَاءَ الْفَجْرُ أُبْتُ إِلَى الْفَلَاحِ

قَالَ: فَإِنِّي أُخَيِّرُكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ. قَالَ: وَمَا هُمَا أَبَيْتَ اللَّعْنَ؟ قَالَ: أُخَلِّي سَبِيلَكَ فَتَمْضِي , أَوْ أُمَتِّعُكَ بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ أَقْتُلُكَ. قَالَ: تُمَتِّعْنِي بِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَقْتُلُنِي. فَسَاقَ مَهْرَهَا إِلَى عَمِّهَا , وَخَرَجَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا , فَمَكَثَ مَعَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ , فَلَمَّا انْقَضَتِ الْأَيَّامُ أَقْبَلَ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ يَقُولُ:

إِلَيْكَ ابْنَ مَاءِ الْمُزْنِ أَقْبَلْتُ مَا مَضَتْ ... لِيَ السَّبْعُ مِنْ يَوْمِ دُخُولِي عَلَى أَهْلِي

فَجِيءَ مُقِرًّا بِاصْطِنَاعِكَ شَاكِرًا ... مَنَنْتَ عَلَيْهِ بِالْكَرِيمِ مِنَ الْفِعْلِ

لِتَقْضِيَ فِيهِ مَا أَرَدْتَ قَضَاءَهُ ... مِنَ الْعَفْوِ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِي

فَإِنْ يَكُ عَفْوًا كُنْتَ أَفْضَلَ مُنْعِمٍ ... وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَمِنْ حَكَمٍ عَدْلِ

قَالَ: فَأَحْسَنَ جَائِزَتَهُ , وَخَلَّى سَبِيلَهُ , وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

[البحر الرمل]

لَمْ يَنَلْ مَا نَالَ مِنَّا ... ابْنُ سَعْدٍ مِنْ أَنِيسِ

إِذْ حَوَى مَا كَانَ يَهْوَى ... وَنَجَا مِنْ يَوْمِ بُؤْسِي

وَكَذَاكَ الطَّيْرُ يَجْرِي ... بِسُعُودٍ وَنُحُوسِ

وَأَنْشَدَ لِسَعِيدِ بْنِ حُمَيْدٍ:

[البحر الخفيف]

كَيْفَ أُثْنِي عَلَى الزَّمَانِ وَهِجْرَانُـ ... ـكَ مِمَّا جَنَتْ بِهِ صُرُوفُ الزَّمَانِ

صِرْتُ أَجْفُوكِ مُكْرَهًا وَعَلَى الْـ ... ـوُدِّ دَلِيلٌ مِنْ نَاظِرِي وَلِسَانِي

كُلَّمَا عُدْتُ بِالتَّجَلُّدِ عَنْكُمُ ... كَذَّبَتْنِي نَوَاظِرُ الْأَجْفَانِ

وَلَوْ أَنَّ الْمُنَى تُحَكَّمُ يَوْمًا ... مَا تَهَدَّتْ إِلَّا إِلَيْكِ الْأَمَانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>