بِاللَّهِ. قُلْتُ: يَا مَالِكُ أَلَكَ وَلَدٌ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ. قُلْتُ: يَا مَالِكُ أَلَكَ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ. قُلْتُ: يَا مَالِكُ أَعَلَيْكَ دَيْنٌ؟ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ. قُلْتُ: يَا مَالِكُ يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّكَ أَزْهَدُ النَّاسِ وَأَنْتَ خَدِيمٌ نَاعِمٌ. قَالَ: فَشَهِقَ شَهْقَةً قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ صَدَقَ الْقَائِلُ فِيمَا وَصَفَهُ مِنْ أَمْرِ مَالِكٍ إِلَّا مَا قَصَّرَ فِيهِ مِنَ التَّشْبِيهِ وَإِنِّي لَخَرِيمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ النَّاعِمُ لِلُبْسِهِ الْجَدِيدَ فِي الشِّتَاءِ وَالْخَلِقَ فِي الصَّيْفِ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ أَوْ نَحْوُهُ مِنَ التَّنَعُّمِ وَلَعَلَّهُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ عِيَالٌ يُؤَودُهُ وَمُؤْونَةٌ تَفْدَحُهُ وَتُثْقِلُهُ وَأُمُورٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمَعِيشَةِ تَهُمُّهُ وَتُكَدِّرُهُ لَكِنَّ النَّاعِمَ حَقًّا مَالِكٌ وَمَا سَعِدَ بِهِ مِنْ خِفَّةِ الظَّهْرِ وَقِلَّةِ مَنْ يَشْغَلُهُ وَيَفْتِنُهُ مِنَ الْعِيَالِ وَالْأَهْلِ، هَذَا إِلَى مَا نَالَهُ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَحَازَهُ مِنْ كَرَمِ التَّقْوَى. وَقَدْ قِيلَ: فِي كَثْرَةِ الْعِيَالِ فَضِيحَةُ الرِّجَالِ. وَيُقَالُ: مَا أَيْسَرَ ذُو عِيَالٍ وَإِنْ كَانَ بِحُسْنِ حَالٍ، وَقِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي قَبُولِ عَطَاءِ السُّلْطَانِ قَالَ: صَاحِبُ الْعِيَالِ لَا يُفْلِحُ. قَالَ: وَحُكِيَ لَنَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:
[البحر الرجز]
مَا الْعَيْشُ إِلَّا الْقَفْلُ وَالْمِفْتَاحْ
وَغُرْفَةٌ تَصْفِقُهَا الرِّيَاحْ
لَا صَخَبٌ فِيهَا وَلَا صِيَاحْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute