للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْمَصَاحِفِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَاءِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَلَقَ خَلْقَهُ لَحِظَ لَحْظَةً، فَرَجَفَ مِنْ قَوَاعِدِهِ، ثُمَّ لَحِظَ لَحْظَةً أُخْرَى فَكَادَ أَنْ يَزُولَ مِنْ مَكَانِهِ، ثُمَّ لَحِظَ لَحْظَةً أُخْرَى فَكَادَ أَنْ يُهَدَّ مِنْ خَوْفِهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعَرِّفَهُ نَفْسَهُ، وَلِيُلْهِمَهُ رُبُوبِيَّتَهُ، فَعَرَفَهُ الْخَلْقُ يَوْمَئِذٍ مَعْرِفَةً لَا يَنْبَغِي لَهُ، أَنْ يُنْكِرَهُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَذَلَّ لَهُ الْخَلْقُ يَوْمَئِذٍ ذُلًّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَازَّهُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَدَخَلَهُ مِنَ الْخَوْفِ يَوْمَئِذٍ خَوْفٌ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ أَبَدًا ⦗١٤٣٦⦘، وَأَقَرَّ لَهُ بِالْمَلَكَةِ يَوْمَئِذٍ قَرَارًا لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَنْكِفَ عَنْهُ بَعْدَهَا أَبَدًا، ثُمَّ صَارَتْ تِلْكَ الْمَعْرِفَةُ وِرَاثَةً فِيمَا يَكُونُ مِنَ النَّسْلِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . وَذَكَرَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ يَوْمَ السَّبْتِ فَمَدَحَ نَفْسَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، فَمَدَحَهَا وَذَكَرَ عَظَمَتَهُ وَجَبَرُوتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ وَجَلَالَهُ وَسُلْطَانَهُ، وَقُدْرَتَهُ وَمُلْكَهُ وَرُبُوبِيَّتَهُ، فَأَنْصَتَ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَأَطْرَقَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ خَوْفِهِ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جَعَلَ يَوْمَ السَّبْتِ عِيدًا لِأَهْلِ التَّوْرَاةِ، يَذْكُرُونَهُ وَيُسَبِّحُونَهُ وَيُعَظِّمُونَهُ وَيُصَلُّونَ لَهُ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَفَرَّغُوا لَهُ، وَيُفَرِّغُوا لَهُ أَهْلَهُمْ، وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَمَلٌ إِلَّا ذِكْرُهُ وَصَلَاتُهُ وَتَسْبِيحُهُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حُرْمَةً مِنْ يَوْمِ السَّبْتِ لِأَنَّهُ فَرَغَ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْإِسْلَامِ، فَأَلْزَمَ بِهِ أَهْلَهُ، فَاخْتَارَ لَهُمُ الْجُمُعَةَ، فَلَيْسَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ أَعْظَمَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَضْلًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» . قَالَ: وَذَكَرَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ يَوْمَ السَّبْتِ حِينَ فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَ: «إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، وَالْأَمْثَالِ الْعُلَى، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا ذُو الرَّحْمَةِ الْوَاسِعَةِ، وَالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، ذُو الْمَنِّ وَالطَّوْلِ، وَالْآلَاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ، إِنِّي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ، وَمُقِيمُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ، وَجَبَّارُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ مَلَأَتْ كُلَّ شَيْءٍ عَظَمَتِي، وَقَهَرَتْ كُلَّ شَيْءٍ مَلَكَتِي، وَأَحَاطَتْ بِكَلِّ شَيْءٍ قُدْرَتِي، وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عِلْمِي، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَتِي، وَبَلَغَ كُلَّ ⦗١٤٣٧⦘ شَيْءٍ لُطْفِي، وَأَفْنَى كُلَّ شَيْءٍ طُولُ حَيَاتِي، فَأَنَا اللَّهُ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ، فَاعْرَفُوا مَكَانِي، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا أَنَا، وَخَلْقٌ لَا يَقُومُ وَلَا يَدُومُ إِلَّا بِي، يَتَقَلَّبُ فِي قَبْضَتِي، وَيَعِيشُ فِي رِزْقِي، وَحَيَاتُهُ وَمَوْتُهُ وَبَقَاؤُهُ، وَفَنَاؤُهُ بِيَدِي، وَلَيْسَ لَهُ مَخْلَصٌ، وَلَا مَلْجَأٌ غَيْرِي، وَلَوْ تَخَلَّيْتُ مِنْهُ إِذًا لَدُمِّرَ كُلُّهُ، وَإِذَا كُنْتُ عَلَى حَالِي لَا يَنْقُصُنِي ذَلِكَ شَيْءٌ، وَلَا يَزِيدُنِي، وَلَا يَمُدُّنِي فَقْرُهُ، وَلَا يَكْرِثُنِي، أَنَا مُسْتَغْنٍ بِالْغَنَاءِ كُلِّهِ، فِي جَبَرُوتِ مُلْكِي، وَعِزَّةِ سُلْطَانِي، وَبُرْهَانِ نُورِي، وَسِرِّ وَحْدَتِي، وَقُوَّةِ تَوَحُّدِي، وَسَعَةِ بَطْشِي، وعُلُوِ مَكَانِي، وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَلَا شَيْءَ يُثْقِلُنِي، وَلَا إِلَهَ غَيْرِي، وَلَا شَيْءَ يَعْدِلُنِي، وَلَيْسَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ خَلَقْتُهُ أَنْ يُنْكِرَنِي، وَلَا يُكَابِرَنِي، وَلَا يُعَازِّنِي، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ قُدْرَتِي، وَلَا يَرِيمُ قَبْضَتِي، وَلَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي، وَلَا يَعْدِلُ بِي، وَكَيْفَ يُنْكِرُنِي مَنْ جَبَلْتُهُ يَوْمَ خَلَقْتُهُ عَلَى مَعْرِفَتِي؟ أَمْ كَيْفَ يُكَابِرَنِي مَنْ قَدْ قَهَرْتُهُ بِمَلَكَتِي؟ فَلَيْسَ لَهُ خَالِقٌ وَلَا رَازِقٌ، وَلَا بَاعِثٌ وَلَا وَارِثٌ غَيْرِي، أَمْ كَيْفَ يُعَازِّنِي مَنْ نَاصِيَتُهُ بِيَدِي؟ أَمْ كَيْفَ يَعْدِلُ بِي مَنْ أُفْنِي عُمُرَهُ، وَأُسْقِمُ جِسْمَهُ، وَأُنْقِصُ عَقْلَهُ وَقُوَّتَهُ، وَأَتَوَفَّى نَفْسَهُ، وَأُخْلِقُهُ وَأُهْرِمُهُ فَلَا يَمْتَنِعُ؟ أَمْ كَيْفَ يَسْتَنْكِفُ عَنْ عِبَادَتِي عَبْدِي، وَابْنُ عَبْدِي، وَابْنُ أَمَتِي، وَمِلْكِي طَوْعُ يَدِي لَا يَنْتَسِبُ إِلَى خَالِقٍ وَلَا وَارِثٍ غَيْرِي؟ أَمْ كَيْفَ يَعْبُدُ دُونِي مَنْ تُخْلِقُهُ الدُّنْيَا، وَيُفْنِي أَجَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ⦗١٤٣٨⦘، وَهُمَا شُعْبَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ سُلْطَانِي؟ فَإِلَيَّ إِلَيَّ يَا أَهْلَ الْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ، إِلَيَّ لَا إِلَى غَيْرِي، فَإِنِّي كَتَبْتُ الرَّحْمَةَ عَلَى نَفْسِي، وَقَضَيْتُ الْعَفْوَ، وَالْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَنِي، أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا، وَلَا يَكْبُرُ عَلِيَّ ذَلِكَ، وَلَا يَتَعَاظَمَنِي فَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَتِي، فَإِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي، وَخَزَائِنُ الْخَيْرِ كُلُّهَا بِيَدِي، لَمْ أَخْلُقْ شَيْئًا مِمَّا خَلَقْتُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ بِي إِلَيْهِ، وَلَكِنْ لِأُبَيِّنَ بِهِ قُدْرَتِي، وَلِأُعَرِّفَ بِهِ النَّاظِرِينَ نَفْسِي، وَلْيَنْظُرَ النَّاظِرُونَ فِي مُلْكِي، وَتَدْبِيرِ حُكْمِي، وَلِيَدِينَ الْخَلَائِقُ كُلُّهَا لِعِزَّتِي، وَيُسَبِّحَ الْخَلْقُ كُلُّهُ بِحَمْدِي، وِلِتَعْنُوَ الْوُجُوهُ كُلُّهَا لِوَجْهِي»

<<  <  ج: ص:  >  >>