أَخْبَرَنَا أَبُو (. . . . .) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْآمُلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الطَّبَرِيُّ، عَنْ خَلَفِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ صُبْحٍ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ق، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١] قَالَ: «أَنْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْيَاقُوتَةِ جَبَلًا، فَأَحَاطَ بِالْأَرْضِينَ السَّبْعِ عَلَى مِثْلِ خَلْقِ الْيَاقُوتَةِ فِي حُسْنِهَا وَخُضْرَتِهَا وَصَفَائِهَا، فَصَارَتِ الْأَرْضُونَ السَّبْعُ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ كَالْأُصْبُعِ فِي الْخَاتَمِ، وَارْتَفَعَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجَوِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ السَّمَاءِ إِلَّا ثَمَانُونَ فَرْسَخًا، وَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ، ثُمَّ أَنْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْجِبَالَ الَّتِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي بَرِّهَا وَبَحْرِهَا مِنْ ذَلِكَ الْجَبَلِ، فَهِيَ عُرُوقُ ذَلِكَ الْجَبَلِ مُتَشَعِّبَةٌ فِي الْأَرَضِينَ السَّبْعِ» ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} [النبأ: ٧]
⦗١٤٨٥⦘ ، {وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ} [المرسلات: ٢٧] ، " فَالرَّوَاسِي: الثَّابِتَاتُ الْأُصُولِ إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَالشَّامِخَاتُ: الْعَالِيَاتُ الْفُرُوعِ فَوْقَ هَذِهِ الْأَرْضِ ". قَالَ: «وَلِذَلِكَ الْجَبَلِ رَأْسٌ كَرَأْسِ الرَّجُلِ، وَوَجْهٌ كَوَجْهِ الرَّجُلِ، وَقَلْبٌ عَلَى قُلُوبِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْخَشْيَةِ وَالطَّاعَةِ لَهُ» ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١] فَ {ق} [ق: ١] : «ذَلِكَ الْجَبَلُ وَهُوَ اسْمُهُ، وَهُوَ أَقْطَارُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» ، الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} " وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي عُرُوقِ ذَلِكَ الْجَبَلِ أَلْوَانَ الْمِيَاهِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبُحُورِ، مِنَ الْبَيَاضِ وَالْخُضْرَةِ، وَالسَّوَادِ وَالصُّفْرَةِ، وَالْحُمْرَةِ وَالْكُدْرَةِ، وَالْعَذْبِ، وَالْمَالِحِ، وَالْمُنْتِنِ وَالزُّعَاقِ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُزَلْزِلَ قَرْيَةً أَوْحَى إِلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ أَنْ يُحَرِّكَ مِنْهُ عِرْقَ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا حَرَّكَهُ خَسَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْقَرْيَةِ، فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ، وَخُضْرَةُ ذَلِكَ الْجَبَلِ مِنْ تِلْكَ الصَّخْرَةِ قَضَى ذَلِكَ الرَّحْمَنُ تَبَارَكَ ⦗١٤٨٦⦘ وَتَعَالَى، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَمَّا انْفَرَجَتْ عَنْهُ سَمَاءُ الدُّنْيَا رَمَى بِبَصَرِهِ إِلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا هِيَ سَاكِنَةٌ قَدِ اسْتَقَرَّتْ بِالْجِبَالِ بِإِذْنِ اللَّهِ جَلَّتْ فِيهِ عَظَمَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَوَقَفَ مَكَانَهُ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَنْظُرُ تَعَجُّبًا، فَلَمَّا رَأَى جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَبَلَ قَافْ أَنْكَرَهُ، لِمَا رَأَى مِنْ عِظَمِ خَلْقِهِ، وَحُسْنِ لَوْنِهِ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْخَلْقَ ابْتَدَعَهُ الرَّحْمَنُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا أَتَاهُ أَبْصَرَ خَلْقًا عَظِيمًا عَجِيبًا، مَعَ صَفَائِهِ وَحُسْنِ لَوْنِهِ، وَرَأَى عُرُوقَهُ مُتَشَعِّبَةً فِي الْأَرْضِ، مَا بَيْنَ بَرِّهَا وَبَحْرِهَا قَدِ ارْتَفَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، مُنِيفَةٌ ذُرَاهَا فِي الْهَوَاءِ، فَتَعَجَّبَ مِنْ كِبَرِهَا، وَاخْتِلَافِ خَلْقِهَا، وَتَشَتُّتِ أَلْوَانِهَا، وَاسْتِقْرَارِ الْأَرْضِ عَلَيْهَا، فَنَظَرَ إِلَى ق وَقَبَضَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: إِلَهِي، مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، هَذَا الْجَبَلُ. قَالَ: إِلَهِي، وَمَا الْجَبَلُ؟ قَالَ: حَجَرٌ. قَالَ: إِلَهِي، هَلْ أَنْتَ خَالِقٌ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْحَجَرِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الْحَدِيدُ ويُقَدُّ بِهِ الْحَجَرُ. قَالَ: إِلَهِي، هَلْ أَنْتَ خَالِقٌ خَلْقًا أَشَدَّ مِنَ الْحَدِيدِ؟ قَالَ: نَعَمْ، النَّارُ يُلَيَّنُ بِهَا الْحَدِيدُ. قَالَ: إِلَهِي، هَلْ أَنْتَ خَالِقٌ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ ⦗١٤٨٧⦘ النَّارِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الْمَاءُ يُطْفَئُ بِهِ النَّارُ. قَالَ: إِلَهِي، هَلْ أَنْتَ خَالِقٌ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الْمَاءِ؟ قَالَ: نَعَمْ، الرِّيحُ تُفَرِّقُهُ أَمْوَاجًا، وَتَحْبِسُهُ عَنْ مَجْرَاهُ. قَالَ: إِلَهِي، هَلْ أَنْتَ خَالِقٌ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنَ الرِّيحِ؟ قَالَ: نَعَمْ، ابْنُ آدَمَ يَحْتَالُ لِهَذَا كُلِّهِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. فَقَالَ: فَخَرَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَاجِدًا، فَأَطَالَ السُّجُودَ وَالْبُكَاءَ، وَالثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ، مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّكَ تَخْلُقُ خَلْقًا هُوَ أَشَدُّ مِنِّي، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: يَا جِبْرِيلُ، مَا لَمْ تَرَ مِنْ قُدْرَتِي، وَلَمْ تَبْلُغْ مِنْ كُنْهِ شَأْنِي، وَلَمْ تَعْلَمْ بِهِ إِلَى مَا قَدْ رَأَيْتَ، وَعَلِمْتَ كَالْبَحْرِ الْمَغْلُوبِ الَّذِي لَا تُعْرَفُ نَوَاحِيهِ، وَلَا يُوصَفْ عُمْقُهُ إِلَى قُطْرِ الرِّشَاءِ. قَالَ جِبْرِيلُ: كَذَلِكَ أَنْتَ إِلَهِي، وَأَقْدَرُ وَأَعْظَمُ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا، مُتَقَاصِرَةٌ إِلَيْهِ نَفْسُهُ لِمَا رَأَى مِنَ الْخَلْقِ الْعَظِيمِ، وَالْعَجَبِ الْعَجِيبِ، حَتَّى وَقَفَ فِي مَكَانِ مُتَعَبَّدِهِ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ "، فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [الحجر: ١٩] ، {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكَمْ} [النحل: ١٥]
⦗١٤٨٨⦘ : «يَعْنِي لِكَيْلَا تَمِيدَ بِكَمْ، كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ قَبْلَ ذَلِكَ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute