الْمُسْرِعَةُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَمَا الَّذِي يَدُورُ بِهِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟» قَالَ: تِنِّينٌ مِنْ ذَهَبِ ذَلِكَ الْكُرْسِيِّ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَظِيمٌ مِمَّا عَمِلَهُ صَخْرٌ الْجِنِّيُّ، فَإِذَا أَحَسَّتْ بِدَوَرَانِهِ تِلْكَ النُّسُورُ وَالْأَسَدُ، وَالطَّوَاوِيسُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ الْكُرْسِيِّ إِلَى أَعْلَاهُ دُرْنَ مَعَهُ، فَإِذَا وَقَفَ وَقَفْنَ جَمِيعًا كُلُّهُنَّ مُنَكِّسَاتٍ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ يَنْفُخْنَ جَمِيعَ مَا فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ عَلَى رَأْسِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَهُوَ جَالِسٌ، ثُمَّ تَتَنَاوَلُ حَمَامَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَاقِفَةٌ عَلَى عَمُودِ جَوْهَرٍ التَّوْرَاةَ، فَتَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ، فَيَقْرَأُهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّاسِ، فَإِذَا قَرَأَهَا عَلَيْهِمْ دَعَا النَّاسَ إِلَى الْقَضَاءِ، وَجَلَسَ قُضَاةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مَنَابِرِهِمْ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنِ شِمَالِهِ، حَافِّينَ حَوْلَ كُرْسِيِّهِ، حَتَّى إِذَا قُرِّبَ الشُّهَدَاءُ لِلشَّهَادَاتِ دَارَ التِّنِينُ بِالْكُرْسِيِّ كَدُورِ الرَّحَى الْمُسْرِعَةِ وَاسْتَدَارَتِ الْأَسْوَدُ، وَخَفَقَتِ النُّسُورُ بِأَجْنِحَتِهَا، وَنَشَرَتِ الطَّوَاوِيسُ أَذْنَابَهَا، فَفَزِعْتُ الشُّهَدَاءُ، وَتَخَوَّفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ عِنْدَمَا يَرَوْنَ مِنَ السُّلْطَانِ، فَيُدَاخِلُهُمْ مِنْ ذَلِكَ رُعْبٌ شَدِيدٌ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: وَاللَّهِ لَنَشْهَدَنَّ بِالْحَقِّ، فَإِنَّا إِنْ نَشْهَدِ الْيَوْمَ بِالْبَاطِلِ لَنَهْلِكَنَّ، فَكَانَ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرُ كُرْسِيِّ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَعَجَائِبُ مَا كَانَ فِيهِ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعَثَ بُخْتَنَصَّرَ بَعْدَهُ، فَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُرْسِيَّ مَعَهُ، فَحَمَلَهُ إِلَى أَنْطَاكِيَّةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَصْعَدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالصُّعُودِ عَلَيْهِ وَلَا بِحَالِهِ، فَلَمَّا وَضَعَ قَدَمَهُ عَلَى الدَّرَجَةِ، رَفَعَ الْأَسَدُ يَدَهُ الْيُمْنَى، فَضَرَبَ بِسَاقِهِ الَّتِي فِي الْأَرْضِ فَدَقَّ سَاقَهُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَكَيْفَ ذَلِكَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ؟» قَالَ كَعْبٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute