الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: «خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا شَاءَ وَبِمَا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِكَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَمِنْهُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ وَشَعْرُهُ وَعَظْمُهُ وَجَسَدُهُ كُلُّهُ، فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ آدَمَ، ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ، فَبِهَا يَقُومُ، وَيَقْعُدُ، وَيَسْمَعُ، وَيُبْصِرُ، وَيَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ الدَّوَابُّ، وَيَتَّقِي مَا يَتَّقِي، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ الرُّوحَ، فَبِهِ عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ، وَبِهِ حَذَرَ، وَتَقَدَّمَ، وَاسْتَتَرَ، وَتَعَلَّمَ، وَدَبَّرَ الْأُمُورَ كُلَّهَا، فَمِنَ التُّرَابِ يُبُوسَتُهُ، وَمِنَ الْمَاءِ رُطُوبَتُهُ، فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ آدَمَ بِمَا أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْفِطَرِ الْأَرْبَعِ أَنْوَاعًا مِنَ الْخَلْقِ أَرْبَعَةً فِي جَسَدِ ابْنِ آدَمَ فَهِيَ قِوَامُ جَسَدِهِ وِمِلَاكُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الْمِرَّةُ السَّوْدَاءُ، وَالْمِرَّةُ الصَّفْرَاءُ، وَالدَّمُ، وَالْبَلْغَمُ فَيُبُوسَتُهُ وَحَرَارَتُهُ مِنَ النَّفْسِ، وَمَسْكَنُهَا فِي الدَّمِ، وَبُرُوَدَتُهُ مِنْ قِبَلِ الرُّوحِ وَمَسْكَنُهُ فِي الْبَلْغَمِ، فَإِذَا اعْتَدَلَتْ هَذِهِ الْفِطْرُ فِي الْجَسَدِ فَكَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبَّمَا كَانَ جَسَدًا كَامِلًا وَجِسْمًا صَحِيحًا وَإِنْ كَثُرَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَلَى صَاحَبْتِهِ عَلَاهَا وَقَهَرَهَا وَأَدْخَلَ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute