للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٨٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْفُرَافِصَةِ أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرُّؤَاسِيُّ ⦗٨٢٢⦘، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا فَرَغَ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، خَلَقَ الصُّورَ فَأَعْطَاهُ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ شَاخِصٌ بَصَرُهُ إِلَى الْعَرْشِ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ» . فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الصُّورُ؟ قَالَ: «الْقَرْنُ» . قُلْتُ: كَيْفَ هُوَ؟ قَالَ: «عَظِيمٌ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ عِظَمَ دَارَةٍ فِيهِ كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ» - وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّهُ قَالَ: وَالْأَرْضِ - يَنْفُخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفَخَاتٍ، الْأُولَى نَفْخَةُ الْفَزَعِ وَالثَّانِيَةُ نَفْخَةُ الصَّعْقِ، وَالثَّالِثَةُ نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى ⦗٨٢٤⦘ فَيَقُولُ لَهُ: انْفُخُ نَفْخَةَ الْفَزَعِ فَيَفْزَعُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ، ويَأْمُرُهُ فَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا فَلَا يَفْتُرُ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} [ص: ١٥] ، فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الْجِبَالَ فَتَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، ثُمَّ تَكُونُ تُرَابًا، وَتَرْتَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ، قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ} [النازعات: ٧] ، فَتَكُونُ الْأَرْضُ كَالسَّفِينَةِ الْمُرْتَفِعَةِ فِي الْبَحْرِ تَضْرِبُهَا الْأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بِأَهْلِهَا، وَكَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ تُرَجِّحُهُ الْأَرْوَاحُ، فَيَبِيدُ ⦗٨٢٥⦘ النَّاسُ عَنْ ظَهْرِهَا فَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ، وَيَشِيبُ الْوِلْدَانُ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ، فَتَلَقَّاهَا الْمَلَائِكَةُ فَتَضْرِبُ وُجُوهَهَا، وَيُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ، فَبَيْنَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ فَانْصَدَعَتْ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا، فَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ، ثُمَّ انْشَقَّتْ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ، ثُمَّ انْخَسَفَتْ شَمْسُهَا وَقَمَرُهَا، وَتَنَاثَرَتْ نُجُومُهَا، ثُمَّ كُشِطَتِ السَّمَاءُ عَنْهُمْ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالْأَمْوَاتُ لَا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ يَقُولُ: {فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} ؟ قَالَ: " أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ، وَهُمْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ، فَوَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَمَّنَهُمْ مِنْهُ، وَهُوَ عَذَابُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسَ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: ١] ، فَيَمْكُثُونَ فِي ذَلِكَ ⦗٨٢٦⦘ الْبَلَاءِ مَا شَاءَ اللَّهُ إِلَّا أَنَّهُ يَطُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ فَيَأْمُرُهُ بِنَفْخَةِ الصَّعْقِ، فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الصَّعْقِ، فَيَصْعَقُ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِذَا هُمْ خَمَدُوا، جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شِئْتَ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَبَقِيَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ وَأَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِيَمُتْ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ. فَيَتَكَلَّمُ الْعَرْشُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، تُمِيتُ جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ؟ " فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: " اسْكُتْ، إِنِّي كَتَبْتُ عَلَى كُلِّ مَنْ تَحْتَ عَرْشِي الْمَوْتَ. فَيَمُوتَانِ، وَيَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَقُولُ: قَدْ مَاتَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: " فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ وَبَقِيَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ وَبَقِيَتُ أَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِيَمُتْ حَمَلَةُ عَرْشِي. فَيَمُوتُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى الْجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَدْ مَاتَ حَمَلَةُ عَرْشِكَ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ: فَمَنْ بَقِيَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ بَقِيتَ أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا تَمُوتُ وَبَقِيتُ أَنَا. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ: أَنْتَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِي، خَلَقْتُكَ لِمَا رَأَيْتَ فَمُتْ. فَيَمُوتُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ لَيْسَ بِوَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ كَانَ آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا قَالَ: لَا مَوْتَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَا مَوْتَ لِأَهْلِ النَّارِ. ثُمَّ ⦗٨٢٧⦘ يَطْوِي اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَطَيِّ السِّجِلِّ، ثُمَّ دَحَاهَا، ثُمَّ يَلْفُفُهَا، ثُمَّ قَالَ: أَنَا الْجَبَّارُ، ثُمَّ هَتَفَ بِصَوْتِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ فَقَالَ: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ ثُمَّ قَالَ: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، ثُمَّ نَادَى أَلَا مَنْ كَانَ لِي شَرِيكًا فَلْيَأْتِ، أَلَا مَنِ الَّذِيِ كَانَ لِي شَرِيكًا؟ أَلَا مَنِ الَّذِيِ كَانَ لِي شَرِيكًا فَلْيَأْتِ؟ فَلَا يَأْتِيهِ أَحَدٌ، ثُمَّ يُبَدِّلُ اللَّهُ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ غَيْرَ الْأَرْضِ، فَيَبْسُطُهَا وَيُسْطِحُهَا وَيَمُدُّهَا مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، ثُمَّ يَزْجُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْخَلْقَ زَجْرَةً، فَإِذَا هُمْ فِي هَذِهِ الْمُبَدَّلَةِ فِي مِثْلِ مَوَاضِعِهِمْ مِنَ الْأَوَّلِ فِي بَطْنِهَا وَعَلَى ظَهْرِهَا، ثُمَّ ⦗٨٢٨⦘ يُنْزِلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ مَاءً مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ يُقَالُ لَهُ الْحَيَوَانُ فَتُمْطِرُ السَّمَاءُ عَلَيْكُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى يَكُونَ الْمَاءُ فَوْقَكُمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا، وَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَجْسَادَ أَنْ تَنْبُتَ، فَتَنْبُتَ كَنَبَاتِ الطَّرَاثِيثِ وَكَنَبَاتِ الْبَقْلِ، حَتَّى إِذَا تَكَامَلَتْ أَجْسَادُهُمْ فَكَانَتْ كَمَا كَانَتْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِيَحْيَ حَمَلَةُ عَرْشِي. فَيَحْيَوْنَ فَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَأْخُذُ الصُّورَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: لِيَحْيِيَ جِبْرِيلُ، وَمِيكَائِيلُ. فَيَحْيَيَانِ، ثُمَّ يَدْعُو اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْأَرْوَاحَ فَيُؤْتَى بِهَا تَتَوَهَّجُ أَرْوَاحُ الْمُسْلِمِينَ نُورًا وَالْأُخْرَى ظُلْمَةً، ثُمَّ يُلْقِيهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصُّورِ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِإِسْرَافِيلَ: انْفُخْ نَفْخَةَ الْبَعْثِ. فَتَخْرُجُ الْأَرْوَاحُ كَأَنَّهَا النَّحْلُ قَدْ مَلَأَتْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَيَقُولُ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَيَرْجِعَنَّ كُلُّ رُوحٍ إِلَى جَسَدِهِ. فَتَدْخُلُ الْأَرْوَاحُ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْأَجْسَادِ، ثُمَّ تَدْخُلُ فِي الْخَيَاشِيمِ فَتَمْشِي فِي الْأَجْسَادِ كَمَشْيِ السُّمِّ فِي اللَّدِيغِ، ثُمَّ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْكُمْ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَتَخْرُجُونَ سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ تَنْسِلُونَ، كُلُّكُمْ عَلَى سِنِّ الثَّلَاثِينَ وَاللِّسَانُ يَوْمَئِذٍ سُرْيَانِيُّ ⦗٨٢٩⦘ سِرَاعًا إِلَى رَبِّكُمْ تَنْسِلُونَ {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ} [القمر: ٨] ، ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ وَحَشَرْنَاكُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَيُوقَفُونَ فِي مَوْقِفٍ وَاحِدٍ مِقْدَارَ سَبْعِينَ عَامًا لَا يُنْظَرُ إِلَيْكُمْ وَلَا يُقْضَى بَيْنَكُمْ، فَتَبْكِي الْخَلَائِقُ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمْعُ، ثُمَّ يَدْمَعُونَ دَمًا وَيَغْرَقُونَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الْأَذْقَانَ أَوْ يُلْجِمَهُمْ، ثُمَّ يَضِجُّونَ فَيَقُولُونَ: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِيَقْضِيَ بَيْنَنَا؟ فَيَقُولُونَ: وَمَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ؛ خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَهُ قُبُلًا، فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَأْبَى، ثُمَّ يَسْتَبِقُونَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ نَبِيًّا نَبِيًّا، كُلَّمَا جَاءُوا نَبِيًّا أَبَى ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى يَأْتُونِي، فَإِذَا جَاءُونِي انْطَلَقْتُ حَتَّى آتِيَ الْفَحْصَ فَأَخِرَّ قُدَّامَ الْعَرْشِ سَاجِدًا حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ مَلَكًا فَيَأْخُذَ بِعَضُدِي فَيَرْفَعَنِي» . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْفَحْصُ؟ قَالَ: «قُدَّامَ الْعَرْشِ» . فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا شَأْنُكَ يَا مُحَمَّدُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ، فَأَقُولُ: «يَا رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْنِي فِي خَلْقِكَ، وَاقْضِ بَيْنَهُمْ» . فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَدْ شَفَّعْتُكَ، أَنَا آتِيكُمْ فَأَقْضِي بَيْنَكُمْ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَرْجِعُ فَأَقِفُ مَعَ النَّاسِ، فَبَيْنَا نَحْنُ وُقُوفٌ سَمِعْنَا حِسًّا مِنَ السَّمَاءِ شَدِيدًا ⦗٨٣٠⦘ فَهَالَنَا فَنَزَلَ أَهْلُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ وَقُلْنَا لَهُمْ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا: لَا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ، وَقُلْنَا لَهُمْ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا: لَا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ أَهْلُ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ بِمِثْلَيْ مَنْ نَزَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمِثْلَيْ مَنْ فِيهَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنَ الْأَرْضِ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِهِمْ وَأَخَذُوا مَصَافَّهُمْ وَقُلْنَا لَهُمْ: أَفِيكُمْ رَبُّنَا؟ قَالُوا: لَا وَهُوَ آتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُونَ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ مِنَ التَّضْعِيفِ حَتَّى يَنْزِلَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةِ يَحْمِلُ عَرْشَهُ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ، وَهُمُ الْيَوْمَ أَرْبَعَةٌ، أَقْدَامُهُمْ عَلَى تُخُومِ الْأَرْضِ السُّفْلَى، وَالْأَرْضُونَ وَالسَّمَاوَاتُ إِلَى حُجُزِهِمْ عَلَى مَنَاكِبِهِمْ، لَهُمْ زَجَلٌ بِالتَّسْبِيحِ، وَتَسْبِيحُهُمْ أَنْ يَقُولُوا: سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، سُبْحَانَ ذِي الْعِزِّ وَالْجَبَرُوتِ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، سُبْحَانَ الَّذِي يُمِيتُ الْخَلَائِقَ وَلَا يَمُوتُ، سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ، قُدُّوسًا قُدُّوسًا، سُبْحَانَ رَبِّنَا الْأَعْلَى، سُبْحَانَ ذِي الْمَلَكُوتِ ⦗٨٣١⦘ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالسُّلْطَانِ وَالْعَظَمَةِ، سُبْحَانَهُ أَبَدَ الْأَبَدِ. ثُمَّ يَضَعُ اللَّهُ تَعَالَى عَرْشَهُ حَيْثُ يَشَاءُ مِنَ الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ أَحَدٌ بِظُلْمٍ، ثُمَّ يُنَادِي نِدَاءً يُسْمِعُ الْخَلْقَ فَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، إِنِّي قَدْ أَنْصَتُّ لَكُمْ مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتُكُمْ إِلَى يَوْمِكُمْ هَذَا أُبْصِرُ أَعْمَالَكُمْ وَأَسْمَعُ قَوْلَكُمْ فَأَنْصِتُوا لِي فَإِنَّمَا هِيَ صُحُفُكُمْ وَأَعْمَالُكُمْ تُقْرَأُ عَلَيْكُمْ، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَهَنَّمَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ، أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعَبْدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يس: ٥٩] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، يُقِيدُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُقِيدُ الْجَمَّاءَ مِنْ ذَاتِ الْقَرْنِ، حَتَّى إِذَا لَمْ تَبْقَ تَبِعَةٌ لِوَاحِدَةٍ عِنْدَ أُخْرَى قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُونِي تُرَابًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا. ثُمَّ يَقْضِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الثَّقَلَيْنِ، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَا يَقْضِي فِيهِ الدِّمَاءَ، فَيُؤْتَى بِالَّذِي كَانَ يَقْتُلُ فِي ⦗٨٣٢⦘ سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَمْرِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَيَأْتِي مَنْ قُتِلَ كُلُّهُمْ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا يَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا، قَتَلَنَا هَذَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ: لِمَ قَتَلْتَهُمْ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، قَتَلْتُهُمْ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقْتَ فَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجْهَهُ مِثْلَ نُورِ الشَّمْسِ، ثُمَّ تُشَيِّعُهُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالَّذِي كَانَ يَقْتُلُ فِي الدُّنْيَا عَلَى غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَغَيْرِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَزُّزًا فِي الدُّنْيَا، وَيَأْتِي مَنْ قَتَلَ كُلُّهُمْ يَحْمِلُ رَأْسَهُ تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا قَتَلَنَا هَذَا، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَهُوَ أَعْلَمُ: لِمَ قَتَلْتَهُمْ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ قَتَلْتُهُمْ لِتَكُونَ الْعِزَّةُ لِي. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَعِسْتَ، فَيُسَوِّدُ اللَّهُ وَجْهَهُ وَتَزْرَقُّ عَيْنَاهُ، ثُمَّ لَا تَبْقَى نَفْسٌ قَتَلَهَا إِلَّا قُتِلَ بِهَا، ثُمَّ يَقْضِي بَيْنَ مَنْ بَقِيَ مِنْ خَلْقِهِ إِنَّهُ لَيُكَلِّفُ يَوْمَئِذٍ شَائِبَ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَبِيعُهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ عِنْدَ أَحَدٍ تَبِعَةٌ نَادَى مُنَادٍ فَأَسْمَعَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ فَقَالَ: أَلَا لِيَلْحَقْ كُلُّ قَوْمٍ بِآلِهَتِهِمْ وَمَا كَانُوا يَعَبْدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَا يَبْقَى أَحَدٌ عَبْدَ ⦗٨٣٣⦘ دُونَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا إِلَّا مَثُلَتْ لَهُ آلِهَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيُجْعَلُ يَوْمَئِذٍ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عِيسَى فَيَتَّبِعُهُ النَّصَارَى، وَيُجْعَلُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى صُورَةِ عُزَيْرٍ فَيَتَّبِعُهُ الْيَهُودُ، ثُمَّ تَقُودُهُمْ آلِهَتُهُمْ إِلَى النَّارِ وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ} [الأنبياء: ٩٩] ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ فِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ جَاءَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْبَتِهِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ الْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعَبْدُونَ. فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهُمْ وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيُثَبِّتُهُمْ فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ، ثُمَّ يَأْتِيهِمْ فِيمَا شَاءَ مِنْ هَيْبَتِهِ فَيَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ذَهَبَ النَّاسُ فَالْحَقُوا بِآلِهَتِكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَعَبْدُونَ. فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا لَنَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ، وَمَا كُنَّا نَعْبُدُ غَيْرَهُ. فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: إِنَّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ حَتَّى إِنَّهُمْ لَيُهَمُّونَ فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ مِنْ آيَةٍ تَعْرِفُونَهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَكْشِفُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ عَنْ سَاقِهِ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ مِنْ عَظَمَةِ اللَّهِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ رَبَّهُمْ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدًا فَيَسْجُدُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَيَجْعَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلَابَ الْمُنَافِقِينَ كَصَيَاصِيِّ الْبَقَرِ، وَيَخِرُّونَ عَلَى ⦗٨٣٤⦘ أَقْفِيَتِهِمْ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فَيَرْفَعُونَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِالصِّرَاطِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ كَحَدِّ الشَّعَرَةِ أَوْ كَحَدِّ السَّيْفِ عَلَيْهِ كَلَالِيبُ وَخَطَاطِيفُ وَحَسَكٌ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ دُونَ جَسْرٍ دَحْضٍ، مَزِلَّةٍ أَوْ مُزْلِقَةٍ، فَيَمُرُّونَ كَطَرْفِ الْعَيْنِ أَوْ كَلَمْحِ الْبَصَرِ وَكَمَرِّ الرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَكَأَجَاوِيدِ الرِّكَابِ وَكَأَجَاوِيدِ الرِّجَالِ فَنَاجٍ سَالِمٌ، وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوشٌ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَهَنَّمَ، فَيَقَعُ فِي جَهَنَّمَ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْبَقَتْهُمْ أَعْمَالُهُمْ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ قَدَمَيْهِ لَا تَجَاوَزُ ذَلِكَ ⦗٨٣٥⦘، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ إِلَى حَقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُ خَدَّهُ أَوْ جَسَدَهُ إِلَّا صُوَرَهُمْ يُحَرِّمُهَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا، فَإِذَا أَفْضَى أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ قَالُوا: مَنْ يَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّنَا لِنَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ فَيَقُولُونَ: مَنْ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ أَبِيكُمْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَكَلَّمَهُ قُبُلًا فَيُؤْتَى آدَمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَتَذَكَّرُ ذَنْبًا فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِنُوحٍ فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ أَرْسَلَهُ اللَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اتَّخَذَهُ خَلِيلًا فَيُؤْتَى إِبْرَاهِيمُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَرَّبَهُ نَجِيًّا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاةَ. فَيُؤْتَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِرُوحِ اللَّهِ وَكَلِمَتِهِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. فَيُؤْتَى عِيسَى فَيُطْلَبُ ذَلِكَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ: مَا أَنَا بِصَاحِبِ ذَلِكَ وَلَكِنْ سَأَدُلُّكُمْ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَأْتُونِي وَلِي عِنْدَ رَبِّي ثَلَاثُ شَفَاعَاتٍ وَعَدَنِيهِنَّ حَتَّى آتِيَ الْجَنَّةَ فَآخُذَ بِحَلْقَةِ الْبَابِ فَأَسْتَفْتِحَ فَيُفْتَحَ لِي أُحَيَّا وَيُرَحَّبُ بِي، فَإِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ نَظَرْتُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا فَأَسْجُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَسْجُدَ» . قَالَ: " وَيَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي مِنْ حَمْدِهِ وَتَمْجِيدِهِ شَيْئًا مَا أَذِنَ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ حَتَّى يَقُولَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي: ارْفَعْ يَا مُحَمَّدُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ وَسَلْ تُعْطَ، فَإِذَا رَفَعْتُ رَأْسِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي: مَا شَأْنُكَ؟ وَهُوَ أَعْلَمُ فَأَقُولُ: «أَيْ رَبِّ وَعَدْتَنِي الشَّفَاعَةَ فَشَفِّعْنِي فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ» . فَيَقُولُ: قَدْ ⦗٨٣٦⦘ شَفَّعْتُكَ، قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُونَ ". فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَنْتُمْ فِي الدُّنْيَا بِأَعْرَفَ بِمَسَاكِنِكُمْ وَأَزْوَاجِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ بِمَسَاكِنِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ» . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُشَفَّعُ فَأَقُولُ: " أَيْ رَبِّ مَنْ وَقَعَ فِي النَّارِ مِنْ أُمَّتِي؟ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اذْهَبُوا فَأَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ صُورَتَهُ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ، فَيَخْرُجُ أُولَئِكَ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ، ثُمَّ يَأْذَنُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشَّفَاعَةِ فَلَا يَبْقَى نَبِيُّ وَلَا شَهِيدٌ وَلَا مُؤْمِنٌ إِلَّا يَشْفَعُ إِلَّا اللَّعَّانَ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَبُ شَهِيدًا، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اذْهَبُوا فَمَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ دِينَارٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ مِنَ النَّارِ، ثُمَّ يَقُولُ: ثُلُثَيْ دِينَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ: نِصْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ يَقُولُ: ثُلُثَ دِينَارٍ، ثُمَّ أَوْ حَتَّى يَقُولَ: قِيرَاطًا، ثُمَّ يَقُولُ: مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ، وَإِنَّ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ يَوْمَئِذٍ لَيَتَطَاوَلُ لِمَا يَرَى مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ رَجَاءَ أَنْ يُشْفَعَ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ لَهُ شَفَاعَةٌ إِلَّا شَفَعَ وَلَمْ يَبْقَ فِي النَّارِ أَحَدٌ عَمِلَ لِلَّهِ خَيْرًا قَطُّ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: بَقِيتُ أَنَا وَأَنَا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ يُدْخِلُ كَفَّهُ فِي جَهَنَّمَ فَيُخْرِجُ مَا لَا يُحْصِي عَدَدَهُ أَحَدٌ ⦗٨٣٧⦘ إِلَّا هُوَ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُحْتَرِقَةٌ، فَيَبَثُّهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الْحَيَوَانِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ، مَا يَلِي الشَّمْسَ أُخَيْضِرٌ وَمَا يَلِي الظِّلَّ مِنْهَا أُصَيْفِرٌ ". فَكَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا سَمِعُوا بِذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّكَ كُنْتَ فِي الْبَادِيَةِ. فَيَنْبُتُونَ فِي جِيَفِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا أَمْثَالَ الذَّرِّ مَكْتُوبٌ فِي رِقَابِهِمُ الْجَهَنَّمِيُّونَ، وَعُتَقَاءُ الرَّحْمَنِ يَعْرِفُهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ فَيَمْكُثُونَ فِي الْجَنَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَقُولُونَ: يَا رَبَّنَا امْحُ عَنَّا هَذَا الْكِتَابَ فَيَمْحُو اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ذَلِكَ.

⦗٨٣٨⦘

٣٨٧ - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ - وَأَشُكُّ فِي بَعْضِهِ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

⦗٨٣٩⦘

٣٨٨ - حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قُلْتُ: أَخْبَرَكُمْ إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>