١٤١١ - حَدَّثَنَا ابْنُ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَهُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: إِنَّ نَوْفًا الشَّامِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ الَّذِي طَلَبَ ⦗٣٠٥⦘ الْعِلْمَ لَيْسَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَاسْتَوَى جَالِسًا قَالَ: كَذَلِكَ يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَنَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ: كَذَبَ نَوْفٌ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ، عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلَا أَنَّهُ عَجِلَ وَاسْتَحْيَا، وَأَخَذَتْهُ ذِمَامَةٌ مِنْ صَاحِبِهِ - فَقَالَ {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} [الكهف: ٧٦]- لَرَأَى مِنْ صَاحِبِهِ ". قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ، عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، إِذَا ذَكَرَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى صَالِحٍ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى نَبِيِّ عَادٍ» ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ مُوسَى بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ قَوْمَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ لَهُمْ: مَا فِي الْأَرْضِ أَعْلَمُ مِنِّي، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنَّ فِي الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّكَ تَزَوَّدُ حُوتًا مَالِحًا، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ حَيْثُ فَقَدْتَهُ، فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الصَّخْرَةِ فَانْطَلَقَ مُوسَى يَطْلُبُ، وَوَضَعَ فَتَاهُ الْحُوتَ عَلَى الصَّخْرَةِ، فَاضْطَرَبَ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، قَالَ فَتَاهُ: إِذَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ حَدَّثْتُهُ، فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ، فَانْطَلَقَا، فَأَصَابَهُمَا مَا يُصِيبُ الْمُسَافِرَ مِنَ النَّصَبِ وَالْكَلَالِ وَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ مَا يُصِيبُ الْمُسَافِرَ مِنَ النَّصَبِ وَالْكَلَالِ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ، {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} [الكهف: ٦٢] ، قَالَ لَهُ فَتَاهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} [الكهف: ٦٣] أَنْ أُحَدِّثَكَ {وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَّا الشَّيْطَانُ} [الكهف: ٦٣] ، فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا، {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} [الكهف: ٦٤] فَرَجَعَا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، يَقُصَّانِ ⦗٣٠٦⦘ الْأَثَرَ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَأَطَافَ بِهَا فَإِذَا هُوَ بِهِ فَسَلَّمَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مُوسَى، قَالَ: مَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: فَمَا لَكَ؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ عِنْدَكَ عِلْمًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَصْحَبَكَ، {قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا} [الكهف: ٦٧] ، {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا، وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} [الكهف: ٦٩] ، قَالَ: كَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تَحُطْ بِهِ خُبْرًا، قَالَ: قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ {قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا} [الكهف: ٦٩] {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَحْدَثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ} [الكهف: ٧١] ، فَخَرَجَ مَنْ كَانَ فِيهَا وَتَخَلَّفَ لِيَخْرِقَهَا فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَتَخْرِقُهَا {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقَلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} [الكهف: ٧١] ، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا عَلَى غِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ، وَفِيهِمْ غُلَامٌ لَيْسَ فِي الْغِلْمَانِ أَحْسَنُ وَلَا أَنْظَفُ مِنْهُ، فَأَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، فَنَفَرَ مُوسَى عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالَ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: ٧٤] ، قَالَ: أَلَمْ أَقَلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا. قَالَ: فَأَخَذَ ذِمَامَةً مِنْ صَاحِبِهِ فَقَالَ: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغَتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ} [الكهف: ٧٦] لِئَامٍ وَقَدْ أَصَابَ مُوسَى جَهْدٌ فَلَمْ يُضَيِّفُوهُمَا {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} [الكهف: ٧٧] ، قَالَ مُوسَى لَمَّا نَزَلَ بِهِ مِنَ الْجَهْدِ: {لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الكهف: ٧٧] ، {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: ٧٨] ، فَأَخَذَ مُوسَى بِطَرَفِ ثَوْبِهِ فَقَالَ: حَدِّثْنِي. قَالَ: {أَمَا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ فِي الْبَحْرِ وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} . فَإِذَا مَرَّ بِهَا فَرَآهَا مُنْخَرِمَةً تَرَكَهَا، وَرَقَّعَهَا أَهْلُهَا بِقِطْعَةِ خَشَبٍ وَانْتَفَعُوا بِهَا ⦗٣٠٧⦘. وَأَمَّا الْغُلَامُ فَإِنَّهُ كَانَ طُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا، وَكَانَ قَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ مَحَبَّةٌ مِنْ أَبَوَيْهِ وَلَوْ عَصَيَاهُ شَيْئًا، لَأَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا، فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يُبَدِّلَهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، فَوَقَعَ أَبُوهُ عَلَى أُمِّهِ فَثَقُلَتْ فَوَلَدَتْ خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا. {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا، وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٨٢] "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute