٦١٨ - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنَادِي، نا وَهْبٌ، نا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " لَا يَضُرُّكُمْ أَنْ تُحِفُّوا عَنِّي، فَإِنَّ هَذَا الدَّاءَ قَدْ أَصَابَ فِي أَهْلِي - يَعْنِي الطَّاعُونَ - فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُغَيِّرَهُ فَلْيَفْعَلْ، وَاحْذَرُوا اثْنَيْنِ، لَا يَقُولَنَّ قَائِلٌ - إِنْ هُوَ جَلَسَ فَعُوفِيَ لِلْخَارِجِ -: لَوْ كُنْتُ خَرَجْتُ فَعُوفِيتُ كَمَا عُوفِيَ فُلَانٌ ⦗٩٤⦘، وَلَا يَقُولَنَّ الْخَارِجُ - إِنْ هُوَ عُوفِيَ وَأُصِيبَ الَّذِي جَلَسَ -: لَوْ كُنْتُ جَلَسْتُ أُصِبْتُ كَمَا أُصِيبَ فُلَانٌ، وَإِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ بِمَا يَبْتَغِي النَّاسُ مِنْ خُرُوجِ هَذَا الطَّاعُونِ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ حَيْثُ سَمِعَ بِالطَّاعُونِ الَّذِي أَخَذَ النَّاسَ بِالشَّامِ: إِنِّي قَدْ بَدَتْ لِي حَاجَةٌ إِلَيْكَ، فَلَا غِنًى لِي عَنْكَ فِيهَا، فَإِنْ أَتَاكَ كِتَابِي لَيْلًا فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ أَنْ تُصْبِحَ حَتَّى تَرْكَبَ إِلَيَّ، وَإِنْ أَتَاكَ نَهَارًا فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ أَنْ تَمْشِيَ حَتَّى تَرْكَبَ إِلَيَّ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: قَدْ عَلِمْتُ حَاجَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي عَرَضَتْ، وَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَبْقِيَ مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنِّي فِي جُنْدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَنْ أَرْغَبَ بِنَفْسِي عَنْهُمْ، وَإِنِّي قَدْ عَلِمْتُ حَاجَتَكَ الَّتِي عَرَضَتْ لَكَ، وَأَنَّكَ تَسْتَبْقِي مَنْ لَيْسَ بِبَاقٍ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَحَلِّلْنِي عَنْ عَزْمَتِكَ، وَائْذَنْ لِي فِي الْجُلُوسِ، فَلَمَّا قَرَأَ عُمَرُ كِتَابَهُ فَاضَتْ عَيْنَاهُ وَبَكَى، فَقَالَ لَهُ مَنْ عِنْدَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَاتَ أَبُو عُبَيْدَةَ؟ قَالَ: لَا، كَانَ قَدْ قَالَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: أَنَّ الْأَرْضَ أَرْضُكَ، إِنَّ الْجَابِيَةَ أَرْضٌ نَزِهَةٌ، فَاظْهَرْ بِالْمُهَاجِرِينَ إِلَيْهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ: أَمَّا هَذَا فَنَسْمَعُ فِيهِ أَمْرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَنُطِيعُهُ قَالَ: فَأَمَرَنِي أَنْ أُبَوِّئَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ قَالَ: فَطُعِنَتِ امْرَأَتِي، فَجِئْتُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقُلْتُ: قَدْ كَانَ فِي أَهْلِي بَعْضُ الْعَرَضِ شَغَلَنِي عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي بَعَثْتَنِي لَهُ، فَقَالَ: لَعَلَّ الْمَرْأَةَ أُصِيبَتْ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَانْطَلَقَ هُوَ يُبَوِّئُ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُرَحِّلَهُمْ عَلَى أَثَرِهِ قَالَ: فَطُعِنَ أَبُو عُبَيْدَةَ حِينَ أَرْسَلَهُ، فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْتُ فِي قَدَمَيَّ وَخْزَةً، فَلَا أَدْرِي لَعَلَّ هَذَا الَّذِي أَصَابَنِي قَدْ أَصَابَنِي، فَانْطَلَقَ أَبُو عُبَيْدَةَ فَبَوَّأَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ وَارْتَحَلَ النَّاسُ عَلَى أَثَرِهِ، وَكَانَ انْكِشَافُ الطَّاعُونِ، وَتُوُفِّيَ ⦗٩٥⦘ أَبُو عُبَيْدَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute