الْوَاوِ وَالدَّالِ لِأَنَّ مَوْضِعَهَا بَيْنَهُمَا بَيْنَهُمَا، وَلَوْ نُقِطَتْ فِي قَفَا الْوَاوِ لَاخْتَلَطَتْ وَظَنَّ الْمَنْقُوطُ لَهُ أَنَّهَا «الْمَوُودَةُ» عَلَى قِيَاسِ «الْمَعُودَةُ» ، وَمِمَّا يُكْتَبُ أَيْضًا فِي الْمُصْحَفِ {لِيَسُؤُا وُجُوهَكُمْ} ، مِنْ قَرَأَهَا عَلَى الْجَمْعِ كَتَبَ بِوَاو وَاحِدَةٍ فَإِذَا نَقَطَهَا نَقَطَهَا فِي قَفَا الْوَاوِ لِأَنَّ قِيَاسَهَا لِيسوعُوا، فَقَدْ ذَهَبَتْ عَيْنُ الْفِعْلِ وَالْوَاوُ السَّاقِطَةُ مِنَ الْمَوَدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْوَاوِ الَّتِي فِيهَا، وَالْوَاوُ وَاوُ الْجَمْعِ وَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهَا فَهَذَا فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا. وَمَنْ قَرَأَ {لِيَسُؤَ} وَيَرْفَعُهَا شَيْئًا لِلنَّصْبَةِ لِأَنَّ قِيَاسَهَا لِيَسُوعُ فَالْهَمْزَةُ بَعْدَ الْوَاوِ، فَلَيْسَ عَلَى الْأَلِفِ مِنْهَا شَيْءٌ لِأَنَّ الْأَلِفَ لَيْسَتْ مِنَ الْحَرْفِ، وَكَذَلِكَ {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوأَ بِإِثْمِي} ، وَكَذَلِكَ «شَيْئًا» . وَأَمَّا أَبُو مُحَمَّدٍ فَقَالَ فِي هَذِهِ النُّقْطَةِ: {تَبُوأَ بِإِثْمِي} ، وَ {لِيَسُؤُا وُجُوهَكُمْ} تَقَعُ عَلَى الْأَلِفِ وَاحِدَةٌ، وَيَحْتَجُّ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لَوْ قُلْتُ: أَمَرْتُهُمَا أَنْ تَبُوا الْآيَتَيْنِ، لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقَيُّدِهَا وَإِنْ كَانَتِ النُّقْطَةُ تَقَعُ عَلَى الْأَلِفِ مُقَيَّدَةً، فَالْأَلِفُ أَوْلَى بِهَا فِي غَيْرِ التَّقَيُّدِ، وَإِنَّمَا نُقِطَتْ {وَجِيءَ} [الزمر: ٦٩] فَتَحْتَهَا بَعْدَ الْيَاءِ وَرَفَعْتَهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَكْتُوبَةٍ بِالْأَلِفِ فَالْهَمْزَةُ مَكَانَ الْأَلِفِ، وَكَذَلِكَ {سِيءَ بِهِمْ} [هود: ٧٧] ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ مَجْزُومَةً وَمَا قَبْلَهَا مَكْسُورٌ مِثْلُ {يَئِسَ} [المائدة: ٣] نَقَطْتَ الْهَمْزَةَ مِنْ أَسْفَلَ لَا تَجْعَلُهَا قَبْلَ الْيَاءِ؛ لِأَنَّ قِيَاسَهَا يَعِسَ، وَالْهَمْزَةُ هِيَ الْيَاءُ. وَأَمَّا {بَاءُو بِغَضَبٍ} وَ {جَاءُو} فَكُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَقِيَاسُهَا جَاعُوا وَبَاعُوا، فَإِذَا نَقَطْتَهَا فِي قَفَا الْوَاوِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ الْأَلِفُ بَعْدَ الْوَاوِ، وَدُخُولُ الْأَلِفِ وَخُرُوجُهَا فِي النَّقْطِ مِنْ هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ قَبْلُ الْوَاوِ. وَقَوْلُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute