١١٧٦ - حَدَّثَنَا أَبُو هِنْدَ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ , حَدَّثَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ يَحْيَى، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: لَمَّا بَلَغَنَا ظُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَرَجْتُ وَافِدًا عَنْ قَوْمِي حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ , فَلَقِيتُ أَصْحَابَهُ قَبْلَ لِقَائِهِ , فَقَالُوا: قَدْ بَشَّرَنَا بِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَبْلَ أَنْ تَقْدَمَ عَلَيْنَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ , فَقَالَ: «قَدْ جَاءَكُمْ وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ» , ثُمَّ لَقِيتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَرَحَّبَ بِي , وَأَدْنَى مَجْلِسِي , وَبَسَطَ لِي رِدَاءَهُ , فَأَجْلَسَنِي عَلَيْهِ , ثُمَّ دَعَا فِي النَّاسِ , فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ , ثُمَّ طَلَعَ الْمِنْبَرَ , وَأَطْلَعَنِي مَعَهُ وَأَنَا مِنْ دُونِهِ , ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ , وَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ , هَذَا وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ , أَتَاكُمْ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ مِنْ بِلَادِ حَضْرَمَوْتَ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ , بَقِيَّةُ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ , بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يَا وَائِلُ , وَفِي وَلَدِكَ» , ثُمَّ نَزَلَ , وَأَنْزَلَنِي مَعَهُ , وَأَنْزَلَنِي مَنْزِلًا شَاسِعًا عَنِ الْمَدِينَةِ , وَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ أَنْ يُبَوِّئَنِي إِيَّاهُ , فَخَرَجْتُ , وَخَرَجَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ: يَا وَائِلُ , إِنَّ الرَّمْضَاءَ قَدْ أَصَابَتْ بَاطِنَ قَدَمِي , فَأَرْدِفْنِي خَلْفَكَ , فَقُلْتُ: مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَذِهِ النَّاقَةِ , وَلَكِنْ لَسْتَ مِنْ أَرْدَافِ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ بِكَ، قَالَ: فَأَلْقِ إِلَيَّ حِذَاءَكَ أَتَوَقَّى بِهِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ , قَالَ: مَا أَضَنُّ عَلَيْكَ بِهَاتَيْنِ الْجَلْدَتَيْنِ، وَلَكِنْ لَسْتَ مِمَّنْ يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمُلُوكِ , وَأَكْرَهُ أَنْ أُعَيَّرَ ⦗٢٨٥⦘ بِكَ , فَلَمَّا أَرَدْتُ الرُّجُوعَ إِلَى قَوْمِي أَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِكُتُبٍ ثَلَاثَةٍ؛ مِنْهَا كِتَابٌ لِي خَالِصٌ: فَضَّلَنِي فِيهِ عَلَى قَوْمِي , وَكِتَابٌ لِأَهْلِ بَيْتِي بِأَمْوَالِنَا هُنَاكَ , وَكِتَابٌ لِي وَلِقَوْمِي فِي كِتَابِي الْخَالِصِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ وَائِلًا يُسْتَسْعَى وَيَتَرَفَّلُ عَلَى الْأَقْوَالِ حَيْثُ كَانُوا فِي (مِنْ) حَضْرَمَوْتَ» , وَفِي كِتَابِي الَّذِي لِي وَلِأَهْلِ بَيْتِي: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى الْمُهَاجِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ لِأَبْنَاءِ مَعْشَرِ أَبْنَاءِ ضَمْعَاجَ أَقْوَالِ شَنُوءَةَ بِمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا مِنْ مُلْكٍ وَمَوَامِرَ (مَرَامِرَ) وَعِمْرَانَ وَبَحْرٍ وَمِلْحٍ وَمَحْجِرٍ , وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ مَالٍ اتَّرَثُوهُ بَايَعْتُ , وَمَا لَهُمْ فِيهَا مِنْ مَالٍ بِحَضْرَمَوْتَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا مِنِّي الذِّمَّةُ وَالْجِوَارُ، اللَّهُ لَهُمْ جَارٌ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَلَى ذَلِكَ أَنْصَارٌ» , وَفِي الْكِتَابِ الَّذِي لِي وَلِقَوْمِي: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَالْأَقْوَالِ الْعَيَاهِلَةِ مِنْ حَضْرَمَوْتَ بِإِقْامِ الصَّلَاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ مِنَ الصِّرْمَةِ التَّيْمَةِ وَلِصَاحِبِهَا التَّبِعَةُ لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ وَلَا شِغَارَ وَلَا وِرَاطَ فِي الْإِسْلَامِ , لِكُلِّ عَشَرَةٍ مِنَ السَّرَايَا مَا تَحْمِلُ الْقِرَابُ مِنَ التَّمْرِ مَنْ أَجْبَا فَقَدْ أَرْبَا , وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» , فَلَمَّا مَلَكَ مُعَاوِيَةُ بَعَثَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ , فَقَالَ لَهُ: قَدْ ضَمَمْتُ إِلَيْكَ النَّاحِيَةَ , فَاخْرُجْ بِجَيْشِكَ فَإِذَا تَخَلَّفْتَ أَفْوَاهَ الشَّامِ فَضَعْ سَيْفَكَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي حَتَّى تَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ , ثُمَّ ادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبِي بَيْعَتِي , ثُمَّ اخْرُجْ إِلَى حَضْرَمَوْتَ فَاقْتُلْ مَنْ أَبَى بَيْعَتِي , وَإِنْ أَصَبْتَ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ فَأْتِنِي بِهِ , فَفَعَلَ , وَأَصَابَ وَائِلًا حَيًّا , فَجَاءَ بِهِ إِلَيْهِ , فَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يَتَلَقَّى , وَأَذِنَ لَهُ , فَأُجْلِسَ مَعَهُ عَلَى سَرِيرٍ , ⦗٢٨٦⦘ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَسَرِيرِي هَذَا أَفْضَلُ أَمْ ظَهْرِ نَاقَتِكَ؟ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَكُفْرٍ , وَكَانَتْ تِلْكَ سِيرَةَ الْجَاهِلِيَّةِ , وَقَدْ أَتَانَا اللَّهُ اليَوْمَ بِالْإِسْلَامِ , فَبِسِيرَةِ الْإِسْلَامِ مَا فَعَلْتُ , قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ مِنْ نَصْرِنَا , وَقَدِ اتَّخَذَكَ عُثْمَانَ ثِقَةً وَصِهْرًا؟ قُلْتُ: إِنَّكَ قَاتَلْتَ رَجُلًا هُوَ أَحَقُّ بِعُثْمَانَ مِنْكَ قَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ أَحَقَّ بِعُثْمَانَ مِنِّي , وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَى عُثْمَانَ فِي النَّسَبِ؟ قُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ كَانَ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؛ فَالْأَخُّ أَوْلَى مِنِ ابْنِ الْعَمِّ , وَلَسْتُ أُقَاتِلُ الْمُهَاجِرِينَ , قَالَ: أَوَ لَسْنَا مُهَاجِرِينَ؟ قُلْتُ: أَوَ لَسْنَا قَدِ اعْتَزَلْنَاكُمَا جَمِيعًا , وَحُجَّةٌ أُخْرَى: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَفَعَ رَأْسَهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ , وَقَدْ حَضَرَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ , ثُمَّ رَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ , فَقَالَ: «أَتَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» , فَشَدَّدَ أَمْرَهَا وَعَجَّلَهُ وَقَبَّحَهُ , فَقُلْتُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَا الْفِتَنُ؟ فَقَالَ: «يَا وَائِلُ , إِذَا اخْتَلَفَ سَيْفَانِ فِي الْإِسْلَامِ فَاعْتَزِلْهُمَا» , فَقَالَ: أَصْبَحْتَ شِيعِيًّا؟ قُلْتُ: لَا , وَلَكِنِّي أَصْبَحْتُ نَاصِحًا لِلْمُسْلِمِينَ , فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ سَمِعْتَ ذَا وَعَلَّمْتَهُ مَا أَقْدَمْتُكَ، قُلْتُ: أَوَ لَيْسَ قَدْ رَأَيْتَ مَا صَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ انْتَهَى بِسَيْفِهِ إِلَى صَخْرَةٍ , فَضَرَبَهُ بِهَا حَتَّى انْكَسَرَ , فَقَالَ: أُولَئِكَ قَوْمٌ يَحْمِلُونَ عَلَيْنَا , فَقُلْتُ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ فَبِحُبِّي , وَمَنْ أَبْغَضَ الْأَنْصَارَ فَبِبُغْضِي» قَالَ: اخْتَرْ أَيَّ الْبِلَادِ شِئْتَ , فَإِنَّكَ لَسْتَ بِرَاجِعٍ إِلَى حَضْرَمَوْتَ , فَقُلْتُ: عَشِيرَتِي بِالشَّامِ , وَأَهْلُ بَيْتِي بِالْكُوفَةِ , فَقَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ خَيْرٌ مِنْ عَشَرَةٍ مِنْ عَشِيرَتِكَ , فَقُلْتُ: مَا رَجَعْتُ إِلَى حَضْرَمَوْتَ سُرُورًا بِهَا , وَمَا يَنْبَغِي لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي هَاجَرَ مِنْهُ إِلَّا مِنْ عِلَّةٍ , قَالَ: وَمَا عِلَّتُكَ؟ قُلْتُ: قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتَنِ , فَحَيْثُ اخْتَلَفْتُمِ اعْتَزَلْنَاكُمْ , وَحَيْثُ اجْتَمَعْتُمْ جِئْنَاكُمْ , فَهَذِهِ الْعِلَّةُ , فَقَالَ: إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ فَسِرْ إِلَيْهَا , فَقُلْتُ: مَا إِلَيَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لِأَحَدٍ حَاجَةٌ , أَمَا رَأَيْتَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ أَرَادَنِي فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُمَرُ فَأَبَيْتُ , وَأَرَادَنِي عُثْمَانُ فَأَبَيْتُ , وَلَمْ أَدَعْ بَيْعَتَهُمْ , قَدْ جَاءَنِي كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ حَيْثُ ارْتَدَّ أَهْلُ نَاحِيَتِنَا , فَقُمْتُ فِيهِمْ حَتَّى رَدَّهُمُ اللَّهُ إِلَى الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ وِلَايَةٍ , فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ , فَقَالَ لَهُ: سِرْ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ الْكُوفَةَ , وَسِرْ بِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ فَأَكْرِمْهُ وَاقْضِ حَوَائِجَهُ , فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَسَأْتَ بِيَ الظَّنَّ , تَأْمُرُنِي بِإِكْرَامِ رَجُلٍ قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَكْرَمَهُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَنْتَ؟ فَسُرَّ مُعَاوِيَةُ بِذَلِكَ مِنْهُ , فَقَدِمْتُ مَعَهُ الْكُوفَةَ , فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حُجْرٍ: الْوِرَاطُ: الْعَمَارُ , وَالْأَقْوَالُ: الْمُلُوكُ , وَالْعَيَاهِلَةُ: الْعُظَمَاءُ