للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٩ - حَدَّثَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو الْكِنْدِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَعِي رَجُلَان مِنْ أَصْحَابِي , فَطَلَبْنَا هَلْ يُضَيِّفُنَا أَحَدٌ؟ فَلَمْ يُضَيِّفْنَا أَحَدٌ , فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَصَابَنَا جُوعٌ وَجَهْدٌ , وَإِنَّا تَعَرَّضْنَا هَلْ يُضَيِّفُنَا أَحَدٌ , فَلَمْ يُضَيِّفْنَا أَحَدٌ , فَدَفَعَ إِلَيْنَا أَرْبَعَةَ أَعْنُزٍ , فَقَالَ ⦗٤٠⦘: " يَا مِقْدَادُ , خُذْ هَذِهِ فَاحْتَلِبْهَا , فَجَزِّئْهَا أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ: جُزْءًا لِي وَجُزْءًا لَكَ وَجُزْءَيْنِ لِصَاحِبَيْكَ " فَكُنْتُ أَفْعَلُ ذَلِكَ , فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ شَرِبْتُ جُزْئِي وَشَرِبَ صَاحِبَايَ جُزْأَيْهِمَا , وَجَعَلْتُ جُزْءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَعْبِ , وَأَطْبَقْتُ عَلَيْهِ , فَاحْتُبِسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَاهُ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْمَدِينَةِ , فَتَعَشَّى مَعَهُمْ , وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى هَذَا اللَّبَنِ , فَلَمْ تَزَلْ نَفْسِي تُدِيرُنِي حَتَّى قُمْتُ إِلَى الْقَعْبِ فَشَرِبْتُ مَا فِيهِ , فَلَمَّا تَقَارَّ فِي بَطْنِي أَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ , فَقَالَتْ لِي نَفْسِي: يَجِيءُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَائِعٌ ظَمْآنٌ فَيَرْفَعُ فَلَا يَجِدُ فِيهِ شَيْئًا , فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَسَجَّيْتُ كَأَنِّي نَائِمٌ , وَمَا كَانَ بِي نَوْمٌ , فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمَ تَسْلِيمَةً أَسْمَعَ الْيَقْظَانَ وَلَمْ يُوقِظِ النَّائِمَ , فَلَمَّا لَمْ يَرَ فِي الْقَعْبِ شَيْئًا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنَا , وَاسْقِ مَنْ سَقَانَا» قَالَ: فَاغْتَنَمْتُ دَعْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَذْبَحَ بَعْضَ تِلْكَ الْأَعْنُزِ؛ فَأُطْعِمَهُ , فَضَرَبْتُ بِيَدِي , فَوَقَعَتْ عَلَى ضَرْعِهَا فَإِذَا هِيَ حَافِلٌ , ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَيْهِنَّ جَمِيعًا , فَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ , فَحَلَبْتُ فِي الْقَعْبِ حَتَّى امْتَلَأَ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِهِ وَأَنَا أَبْتَسِمُ فَقَالَ: «هِيهِ بَعْضُ سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , اشْرَبْ , ثُمَّ الْخَبَرَ فَشَرِبَ , ثُمَّ شَرِبْتُ , مَا بَقِيَ مِنْهُ ثُمَّ أَخْبَرْتُهُ , فَقَالَ: «يَا مِقْدَادُ , هَذِهِ بَرَكَةٌ , كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُعْلِمْنَا حَتَّى نُوقِظَ صَاحِبَيْنَا , فَنَسْقِيهُمَا مِنْ هَذِهِ الْبَرَكَةِ» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِذَا شَرِبْتَ أَنْتَ الْبَرَكَةَ وَأَنَا فَمَا أُبَالِي مَنْ أَخْطَأَتْ

<<  <   >  >>