للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَا قِوَامَ لَهُ إِلَّا بِمَا يُلْقَى فِيهِ، فَإِذَا تِلْكَ الْمَئُونَةُ إِذَا صَارَتْ فِي الْوِعَاءِ اسْتَوَتْ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ، وَرَفَضْتُ مَا عَسِرَ فَصِرْتُ فِيمَا قَطَعْتُ عَنْ نَفْسِي مِنْ مَئُونَةِ الْوِعَاءِ وَلَذَّةِ الْحَنَكِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ كَانَ يَتَّخِذُ الرَّمَادَ مِنَ الْخَلَنْجِ وَالصَّنْدَلِ وَالْعِيدَانِ الْمُرْتَفِعَةِ، فَلَمَّا ثَقُلَ عَلَيْهِ مَئُونَةُ ذَلِكَ اتَّخَذَ الرَّمَادَ مِنَ الزُّبْلِ وَالْحَطَبِ الرَّخِيصِ، فَرَحَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَنَظَرْتُ فِي مَئُونَةِ الْفَرْجِ فَإِذَا هُوَ وَالْعَيْنَانِ مَوْصُولَانِ بِالْقَلْبِ، وَإِذَا بَابُ الْعَيْنِ يَسْقِي الشَّهْوَةَ، وَهُمَا مُعِينَانِ عَلَى هَلَاكِ الْجَسَدِ، ثُمَّ تَنْقَطِعُ تِلْكَ اللَّذَّةُ عَلَى طُولِ الْعُمُرِ، فَهَمَمْتُ بِإِلْقَائِهِمَا عَنِّي وَقُلْتُ: هَلَاكُهُمَا واطِّرَاحُهُمَا أَيْسَرُ عَلَيَّ مِنْ هَلَاكِ جَسَدِي، وَأَشْفَقْتُ أَنْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَرَوَّيْتُ وَفَكَّرْتُ، فَلَمْ أَجِدْ لَهُمَا شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعُزْلَةِ عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ مَا بَغَضَّ إِلَيَّ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فِكْرِي فِي مُقَامِي مَعَ مَنْ لَا يَعْقِلُ إِلَّا أَمْرَ دُنْيَاهُ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنَ الْمُقَامِ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُمْ إِلَى هَذَا الْمَنْزِلِ، فَقُطِعَتْ عَنِّي أَبْوَابُ الْخَطِيئَةِ، وَحَسَمْتُ نَفْسِي لَذَّاتٍ أَرْبَعًا، وَقَطَعْتُهُنَّ بِخِصَالٍ أَرْبَعٍ

<<  <   >  >>