للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المذكورين، ثم قال: وقال الخطابي١: الحكمة في تبرئه - صلى الله عليه وسلم - من فعل خالد مع كونه لم يعاقبه على ذلك، لكونه مجتهدا أن يعرف أنه لم يأذن له في ذلك خشية أن يعتقد أحد أنه كان بإذنه، لينْزَجر غير خالد بعد ذلك عن مثل فعله.

وقال أيضا: إنما أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خالد حيث لم يتثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا. ا.? كلام الخطابي٢.

وقال العامري: إنما أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على خالد حيث لم يتثبت في أمرهم، ثم عذره في إسقاط القصاص، لأن هذا ليس تصريحا في قبولهم الدين٣.

وقال القسطلاني: إنما نقم على خالد استعجاله في شأنهم، وترك التثبت في أمرهم إلى أن سيرى المراد من قولهم صبأنا٤، ولم يرى عليه قودا لأنه تأول أنه كان مأمورا بقتالهم إلى أن يسلموا٥.

وقد تبين ممّا سبق من أقوال العلماء أن هذه المسألة بين خالد قائد السرية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمر مسألة اجتهادية أخطأ فيها خالد حينما تسرع في قتل القائلين "صبأنا"، ورأى عبد الرحمن وابن عمر أن مراد القوم بهذه الكلمة الإسلام.


١ هو الإمام العلامة المفيد المحدث الرحال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف، وكان ثقة متثبتا من أوعية العلم، من تصانيفه الكثيرة: "أعلام السنن"، شرح به صحيح البخاري، و"معالم السنن" شرح به سنن أبي داود، توفي الخطابي رحمه الله سنة (٣٨٨هـ) . (الذهبي: تذكرة الحفاظ ٣/١٠١٨-١٠٢٠، والمباركفوري: مقدمة تحفة الأحوذي١/١٢٦،٢٥٣-٢٥٤) .
٢ ابن حجر: (فتح الباري ٦/٢٧٤، ٨/٥٧- ٥٨، ١٣/١٨٢، والزرقاني: شرح المواهب اللدنية ٣/٣-٤) .
٣ بهجة المحافل ١/٤٤٤.
٤ قال الزرقاني: وهذا إنما هو على رواية الصحيح، وأما ما ذكره ابن سعد من أن بني جذيمة عندما جاءهم خالد فقال لهم: ما أنتم؟ قالوا: مسلمون قد صلينا وصدقنا بمحمد وبنينا المساجد في ساحتنا وأذّنا فيها. فيحمل على أن خالدا تأول أن هذا القول منهم تقية، كما تأول أسامة بن زيد في الرجل الذي قتله بعد أن قال لا إله إلا الله، ظنا منه أنه قالها خوفا من السيف. (شرح المواهب اللدنية ٣/٤) . وانظر: الطبقات الكبرى لابن سعد ٢/١٤٧ فقد ساق قصة خالد مع بني جذيمة بدون إسناد.
وساقها الواقدي في مغازيه ٣/٨٧٥ من مرسل أبي جعفر محمد بن علي بن حسين الباقر.
٥ إرشاد الساري ٦/٤١٦- ٤١٧. وقال ابن إسحاق: وقد قال بعض من يعذر خالدا أنه قال: ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي، وقال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم عن الإسلام. (سيرة ابن هشام٢/٤٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>