للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو ضَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ سَمِعَ رَجُلًا يَلْعَنُ نَاقَتَهُ قَالَ: فَسَارَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ اللَّاعِنُ نَاقَتَهُ» ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ: «أَخْرِجْهَا عَنَّا، فَقَدْ أُجِبْتَ فِيهَا» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أُجِبْتَ» أَيْ: حَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ بِطَرْدِهَا وَإِبْعَادِهَا، فَإِنَّ اللَّعْنَ هُوَ الطَّرْدُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ لَمَّا قَالَ لِنَاقَتِهِ: لَعَنَكِ اللَّهُ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ طَرْدَهَا وَإِبْعَادَهَا عُقُوبَةً لَهُ، أَوْ تَأْدِيبًا لِئَلَّا يَعُودَ إِلَى مِثْلِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّاعِنَ نَاقَتَهُ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَالَةٌ حَسَنَةٌ؛ لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ: «إِذَا لَعَنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ أَوْ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَهْلًا لَهُ وَإِلَّا رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ إِلَى صَاحِبِهَا» أَيِ: اللَّاعِنُ، هَذَا مَعْنَى الْحَدِيثِ. فَلَمَّا لَعَنَ هَذَا الرَّجُلُ نَاقَتَهُ لَمْ تَكُنِ النَّاقَةُ أَهْلًا لِلَّعْنِ، وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَى اللَّاعِنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ أَهْلًا لَهَا لَرَجَعَ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ لَطَرَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْرَجَهُ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَلَمَّا قَالَ: أَخْرِجْهَا عَنَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ عَنَّا، فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَقَالَ: أَخْرِجْهَا، فَصَارَ كَأَنَّ الْحُكْمَ وَجَبَ عَلَيْهَا، وَلَيْسَتِ النَّاقَةُ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا اللَّعْنُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا وَجَبَ الْحُكْمُ بِطَرْدِهَا عَلَى الرَّجُلِ فَصَارَتْ مَتْرُوكَةً مَطْرُودَةً مُبْتَعِدَةً لَا يَجُوزُ لَهُ الِانْقِطَاعُ بِهَا مِنْ رُكُوبٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْرٍ، فَحُرِمَ نَفْعَهَا تَأْدِيبًا لَهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: اللَّعْنُ: التَّرْكُ، وَالْمَلْعُونُ: الْمَتْرُوكُ

[البحر الكامل]

أَفُطَيْمُ هَلْ تَدْرِينَ كَمْ مِنْ مُتْلِفٍ ... جَاوَزْتُ لَا مَرْعًى وَلَا مَسْكُونُ

غَوْرِيَّةٌ نَجْدِيَّةٌ تَصْعِيدُهُ ... تَصْوِيبُهُ مُتَشَابِهٌ مَلْعُونُ

⦗١٣٢⦘

يَصِفُ الطَّرِيقَ يَقُولُ: إِنَّهُ مَتْرُوكٌ لَا يُسْلَكُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أُجِبْتَ فِيهَا» أَيْ: أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْكَ تَرْكَهَا، وَالِانْتِفَاعَ بِهَا , قَالَ: وَأَظُنُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «فَحَطَّ عَنْهَا رَحْلَهُ، وَكَانَتْ تَسِيرُ لَا يُرَى فِيهَا أَحَدٌ» ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ

<<  <   >  >>