للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: ح سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَرْوِيُّ قَالَ: ح إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلْوَيُّ، وَعَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلْ أَنْتَ شَافِعٌ لِأَبَوَيْكَ؟ قَالَ: «إِنِّي لَشَافِعٌ لَهُمَا، أُعْطِيتُ، أَوْ مُنِعْتُ، وَمَا أَرْجُو لَهُمَا النَّجَاةَ عَنِ النَّارِ بِالْكُلِّيَّةِ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ «إِنِّي لَشَافِعٌ لَهُمَا» فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} [التوبة: ١١٣] الْآيَةَ. وَهَذَا كَمَا اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِيهِ بِقَوْلِهِ: {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: ٨٦] . وَقَوْلُهُ: «وَمَا أَرْجُو لَهُمَا» ؛ لِأَنَّ اسْتِغْفَارَهُ لَهُمَا كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا، فَلَمْ يَرْجُ لَهُمَا إِذَا مَاتَا عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمَا رِقَّةً عَلَيْهِمَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ «رَأْفَةً، وَقَضَاءً لِحَقِّهِمَا» ، إِذْ لَمْ يُدْرِكْهُمَا، فَيُحْسِنَ مُعَامَلَتَهُمَا، وَيُصَاحِبَهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِيهِ فِي حَيَاتِهِ لِمَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ بِقَوْلِهِ: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: ٤٧] ، فَلَمَّا مَاتَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، تَبَرَّأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ، وَتَرَكَ الِاسْتِغْفَارَ لَهُ، وَالنَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلِمَ مِنْ أَبَوَيْهِ مَا عَلِمَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَبِيهِ، غَيْرَ أَنَّهُ أَرَادَ قَضَاءَ حَقِّهِمَا، فَنَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَانْتَهَى، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ

<<  <   >  >>