حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ: ح شَرِيكٌ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ الْحِمَّانِيُّ: وَح شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبَشِيٍّ، عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ⦗١٤٣⦘، قَالَ لِرَجُلٍ: " إِذَا آوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكِ، فَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً، وَرَهْبَةً مِنْكَ، وَإِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَمَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ " زَادَ أَبُو الْأَحْوَصِ: «وَإِنَّ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا» وَقَوْلُهُ: «أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ» ، تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي طَوْعًا. وَقَوْلُهُ: «وَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ» هُوَ الْإِقْبَالُ عَلَيْهِ، وَالْإِعْرَاضُ عَمَّا دُونَهُ. وَقَوْلُهُ: «أَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ» هُوَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: «فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ» هُوَ التَّوَكُّلُ عَلَيْهِ، رَغْبَةً إِلَيْهِ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنْ مَلَاذِّ النَّفْسِ، وَمَرَافِقِهَا، وَرَهْبَةً مِنْهُ، لَا مِنْ آلَامِ النُّفُوسِ، وَمَكَارِهِهَا؛ لِأَنَّ مَنْ سَلَّمَ نَفْسَهُ، وَفَوَّضَ أَمَرَهُ، فَمُطَالَبَتُهُ حُظُوظَ نَفْسِهِ، وَاتِّسَاقُ أُمُورِهِ مِمَّا لَا يَعْنِيهِ، إِذْ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، وَإِلَيْهِ، وَمَنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى شَيْءٍ دُونَهُ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ رَغْبَتُهُ فِي شَيْءٍ دُونَهُ، وَلَا يُرِيدُ غَيْرَهُ، وَلَا يَطْلُبُ إِلَّا رِضَاهُ، وَالْقُرْبَةَ مِنْهُ، وَالزُّلْفَى لَدَيْهِ، وَمَنِ اعْتَمَدَ فِي أَحْوَالِهِ عَلَيْهِ، وَتَوَكَّلَ فِيمَا يُعَامِلُهُ بِهِ عَلَيْهِ، فَقَدِ احْتَرَزَ مِنْ جَمِيعِ الْمَكَارِهِ، بَلْ تَفَرَّغَ مِنْهَا لَهُ فَلَا يَخَافُ شَيْئًا سِوَاهُ، وَلَا يَرْهَبُ إِلَّا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَا عِنْدَهُ بَاقٍ، وَإِنَّمَا يَنْفَذُ مَا عِنْدَ غَيْرِهِ، فَهَذَا عَبْدٌ لَا يَرَى غَيْرَ رَبِّهِ، وَلَا يُطَالِعُ غَيْرَ سَيِّدِهِ، وَلَا يُرَاقِبُ إِلَّا مَوْلَاهُ، فَكَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الدَّارِ غَيْرُهُ، وَلَا لِلْمُلْكِ سِوَاهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: ١٦] ، فَالْيَوْمَ يَوْمٌ، وَغَدًا يَوْمٌ، وَالْأَيَّامُ كُلُّهَا يَوْمٌ وَاحِدٌ، لَا مُصَرِّفَ لَهَا إِلَّا وَاحِدٌ، وَلَا مُدَبِّرَ فِيهَا إِلَّا وَاحِدٌ، فَلَهُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، يَفْعَلُ فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ مِنْ تَعْرِيفِ عِبَادِهِ، وَتَغْيِيرِ الْأَحْوَالِ فِي بِلَادِهِ، وَيَفْعَلُ فِيهِمْ مَا يَشَاءُ، وَيْحَكُمُ فِيهِمْ مَا يُرِيدُ، لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَلَهُ الْمُلْكُ غَدًا إِذَا أَفْنَى عِبَادَهُ، وَطَوَى بِلَادَهُ، لَا أَحَدَ يُنَازِعُهُ، وَلَا مُجِيبَ يُجَاوِرُهُ، فَالْمُلكُ الْيَوْمَ وَغَدًا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، لَا مَلْجَأَ مِنْهُ، وَلَا مَنْجَا يُخَاطِبُهُ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ، مِنْهُ الْمَفَرُّ، وَإِلَيْهِ الْمَقَرُّ، فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ، تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute