قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِيمَا نَعْلَمُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فُلَانًا يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ، فَإِذَا أَصْبَحَ سَرَقَ قَالَ: «سَيَنْهَاهُ مَا يَقُولُ» قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ مِنَ الَّتِي تُؤْذِي جِيرَانَهَا إِعْجَابًا بِعَمَلِهَا مِنْ صَوْمِ نَهَارِهَا، وَقِيَامِ لَيْلِهَا، وَأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ تُؤْذِي جِيرَانَهَا ازْدِرَاءً بِهِمْ، وَتَصْغِيرًا لَهُمْ، وَتَحْقِيرًا إِيَّاهُمْ بِرُؤْيَةِ الْفَضْلِ لَهَا عَلَيْهِمْ، فَاسْتَوْجَبَتِ النَّارَ بِذَلِكَ، وَالَّذِي كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَسْرِقُ إِذَا أَصْبَحَ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ التَّقْصِيرِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا يَأْتِيهِ مِنَ السَّرِقَةِ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهَا، وَالرُّجُوعُ عَنْهَا، وَأَنَّ قِيَامَهُ بِاللَّيْلِ لِرُؤْيَةِ افْتِقَارِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِمَّا يَرَى أَنَّهُ لَوْ يَسْتَوْجِبُ بِسَرِقَتِهِ هَذَا مِنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى التَّوْبَةَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٢] ، وَعَسَى مِنَ اللَّهِ ⦗١٥٩⦘ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الَّتِي تُؤْذِي جِيرَانَهَا، فَإِنَّهَا لَا تَرَى أَذَاهَا مِنْهَا لَهُمْ مَعْصِيَةً، فَتَرَى عَلَيْهَا تَوْبَةً مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَ أَذَاهَا لِجِيرَانِهَا عَلَى مَعْنَى اسْتِدْعَائِهَا مِنْهُمْ تَعْظِيمًا، وَرَفْعِ قَدْرِهَا، وَتَحَمُّلِ مُؤْنِهَا لِرُؤْيَةِ الْفَضْلِ لَهَا عَلَيْهِمْ، فَبَايَنَهَا مَوْتُهَا وَهِيَ مُصِرَّةٌ، فَتَسْتَوْجِبُ النَّارَ , فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُؤْذِيَةُ جِيرَانَهَا إِنَّمَا أُعْجِبَتْ بِصَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا، أَحْبَطَ أَعْمَالَهَا إِعْجَابُهَا، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا عَمَلٌ يَعُودُ بِبَرَكَتِهِ عَنْهَا، فَيَنْهَاهَا عَنْ إِيذَائِهَا جِيرَانَهَا، وَالَّذِي يَسْرِقُ إِذَا أَصْبَحَ حَصَّلَ لَهُ عَمَلُهُ افْتِقَارَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وِإِشْفَاقَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَعَادَتْ بَرَكَةُ مَا حُصِّلَ لَهُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ الَّذِي خَلَطَهُ بِسَيِّئِهِ، فَنَهَاهُ صَالِحُ عَمَلِهِ عَنْ سَيِّئِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute