حَدَّثَنَا نَصْرٌ، قَالَ: ح أَبُو عِيسَى قَالَ: ح مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: ح عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ إِلَى لِزْقِ جِذْعٍ، فَاتَّخَذُوا لَهُ مِنْبَرًا، فَخَطَبَ عَلَيْهِ، فَحَنَّ الْجِذْعُ حَنِينَ النَّاقَةِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَسَّهُ فَسَكَنَ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ» ⦗٣١⦘ فَأَخْبَرَ أَنَّ مِنْ مَحَبَّتِهِ إِيَّاهُ حَنَّ، أَلَا تَرَى يَقُولُ، فَاحْتَضَنَهُ فَسَكَنَ، فَكَأَنَّ سُكُونَهُ حِينَ مَسَّهُ أَوِ احْتَضَنَهُ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَنُحِبُّهُ» ، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحَبَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَبَلَ عَلَى الْمُجَازَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا فَقَدْ آثَرَهُ، وَمِنَ الْحَقِّ أَنْ تُؤْثِرَ مَنْ يُؤْثِرُكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبَّهُ اللَّهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] فَإِذَا كَانَ اتَّبَاعُهُ مُوجِبًا مَحَبَّةَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَحَبَّتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللَّهُ أَحَبَّهُ أَحِبَّاءُ اللَّهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ أَحِبَّاءِ اللَّهِ، فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يُحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إِشَارَةً مِنْهُ إِلَى حُبِّهِ للَّهِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّ أَقْدَرَ مَوْضِعِ الْإِشَارَةِ إِلَى مَحَبَّةِ اللَّهِ إِيَّاهُ، فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ عَنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ لَهُ بِقَوْلِهِ: «يُحِبُّنَا» ، وَأَخْبَرَ عَنْ مَحَبَّتِهِ لَهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: «وَنُحِبُّهُ» ، وَالْجَبَلُ وَاسِطَةٌ بَيْنَ الْحَبِيبَيْنِ، اللَّهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا كَانَتِ الشَّجَرَةُ وَاسِطَةً بَيْنَ الْكَلِيمَيْنِ اللَّهِ وَمُوسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute