قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، قَالَ: ح أَبُو عَاصِمٍ قَالَ: ح مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَ: ح يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ عِيسَى، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ يُصَلِّي عَلَى صَخْرَةٍ بِمَكَّةَ، فَأَتَى نَاحِيَةَ مَكَّةَ، فَمَكَثَ مَلِيًّا، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَجَدَ الرَّجُلَ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ، فَجَمَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا " قَالَ: وَحَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَحْيَى قَالَ: ح يَعْقُوبُ، عَنْ عِيسَى بْنِ حَارِثَةَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَلَالُ تَكَرُّرُهُ يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مِنْ عَمَلٍ يَعْمَلُهُ، وَأَذًى يَلْحَقُهُ مِنْهُ، وَتَعَبٍ يُصِيبُهُ، فَيَصْبِرُ عَلَيْهِ، وَيَتَحَمَّلُ التَّعَبَ فِيهِ، حَتَّى يَضْجَرَ وَيَسْأَمَ، فَيَتْرُكَ ذَلِكَ الْعَمَلَ اسْتِثْقَالًا لَهُ، وَيَرْفُضَهُ تَضَجُّرًا مِنْهُ وَسَأَمَةً، وَهُوَ شَيْءٌ يَعْرِضُ لِلطَّبْعِ بَعْدَ إِيثَارِهِ لِلشَّيْءِ وَرَغْبَتِهِ فِيهِ، وَهَذِهِ صِفَةُ الْإِنْسَانِ الْمَطْبُوعِ عَلَى طَبَائِعَ مُخْتَلِفَةَ وَأَوْصَافٍ، وَيَتَعَالَى عَنْهَا عُلُوًّا كَبِيرًا، فَالْمَلَالُ لَيْسَ بِصِفَةٍ لَهُ، وَلَا يَجُوزُ مَعْنَاهُ الْمَفْهُومُ عِنْدَنَا مِنْ أَوْصَافٍ يَلْحَقُهُ الْمَلَالُ مِنَ الْمُحَدَثِينَ عَلَيْهِ، وَهُوَ صِفَةُ الْإِنْسَانِ الْمَطْبُوعِ الَّذِي يَضْعُفُ مِنْ تَحَمُّلِ مَا يَعْرِضُ لَهُ، وَيَثْقُلُ عَلَيْهِ، وَيَؤُودُهُ شَيْءٌ، وَيُؤْذِيهِ. فَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» ، لَيْسَ عَلَى الْغَايَةِ، وَالتَّوْقِيتِ، وَيُوصَفُ هُوَ تَعَالَى بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي وَقْتٍ، أَوْ عِنْدَ تَغَيُّرٍ، بَلْ هُوَ عَلَى النَّفْيِ عَنْهُ، وَالتَّبْرِئَةِ لَهُ مِنْهُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «حَتَّى تَمَلُّوا» ، وَتَمَلُّوا بَلْ تَمَلُّوا، أَيْ: لَا يَمَلُّونُ، وَلَا يَمَلُّ، بَلَّ تَمَلُّونَ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: الْمَلَالُ لَكُمْ صِفَةٌ، وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَاحِقَةٌ بِكُمْ إِذَا تَكَلَّفْتُمُ الْأَعْمَالَ، وَأَكْرَهْتُمْ عَلَيْهَا نُفُوسَكُمْ، وَتَحَمَّلْتُمْ مَا يَلْحَقُكُمْ مِنَ التَّعَبِ فِيهِ، وَصَبَرْتُمْ عَلَيْهِ، فَيُوشِكُ إِنْ يَضْعُفْ عَنْهَا قُوَاكُمْ تَسْتَثْقِلُوهَا، وَتَضْجَرُوا مِنْهَا، فَتَرْفُضُوا اسْتِثْقَالًا لَهَا، وَاسْتِعْرَاضًا مِنْهَا، وَزُهْدًا فِيهَا، وَرَغْبَةً عَنْهَا، وَبُغْضًا لَهَا ⦗٢٠٠⦘، فَلَا تَعُودُوا إِلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَدُّهُ لَا يُصِيبُهُ هَذِهِ الْآفَاتُ، وَلَا يَعْتَرِضُ لَهُ هَذِهِ الْعَوَارِضُ، فَلَا يَصْرِفُكُمْ عَمَّا تُكَلَّفُونَ، وَلَا يَنْهَاكُمْ عَمَّا تَعْمَلُونَ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَكُمْ، وَبَيْنَهَا كَرَاهَةً لَهَا، وَاسْتِثْقَالًا مِنْهُ إِيَّاهَا، وَبُغْضًا لَهَا، بَلْ يُصِيبُكُمْ ذَلِكَ، فَتُتْرَكُونَ، فَتَتْرُكُونَ عِبَادَةَ رَبِّكُمْ، وَتَسْتَثْقِلُونَ خِدْمَةَ مَوْلَاكُمْ، وَتُبْغِضُونَ طَاعَةَ رَبِّكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute