- حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَقِيلٍ، قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: ح يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ هِيَ؟ يَعْنِي فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَ: «هِيَ أَحَبُّ إِلَى مِنْكَ، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْمَحَبَّةُ صِفَةُ الْمُحِبِّ بِثَنَاءٍ مِنَ الْمُحِبِّ لِلْمَحْبُوبِ، وَالْعِزُّ صِفَةُ الْعَزِيزِ، يَبْدُو فِيهِ عَلَى مَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ» إِخْبَارٌ بِصِفَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ لِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَهِيَ رِقَّةٌ يَجِدُهَا فِيهَا، وَمَيْلٌ إِلَيْهَا وُجِدَتْ عَلَيْهَا، لَيْسَ لَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَضْلٌ، وَلَا لَهَا فِي مَحَبَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا صِفَةٌ، وَلِلطَّبْعِ فِي الْمَحَبَّةِ أَثَرٌ وَلِلنَّفْسِ فِيهَا نِسْبَةٌ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ لِعِلَّةٍ فِي الْمُحِبِّ إِمَّا بِنَسَبٍ أَوْ بِرٍّ أَوِ اسْتِحْسَانِ طَبْعٍ أَوْ شَهْوَةِ نَفْسٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ، وَكُلُّهَا يَبْدُو مِنَ الْمُحِبِّ لِلْمَحْبُوبِ، وَكُلُّ مَا كَانَ لِلنَّفَسِ فِيهِ طَرِيقٌ، وَلِلطَّبْعِ فِيهِ أَثَرٌ فَمَعْلُولٌ. فَقَوْلُهُ: «هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكَ» يَعْنِي: أَنَا عَلَيْهَا أَجْذَبُ، وَلَهَا أَرَقٌّ، وَبِهَا أَشَدُّ وَجْدًا، وَأَنْتَ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْهَا، أَيْ أَنْتَ أَعْظَمُ خَطَرًا عِنْدِي وَأَجَلُّ قَدْرًا، وَأَنَا بِكَ أَضَنُّ لِصِفَةٍ هِيَ لَكَ، وَمَعْنًى هُوَ فِيكَ، لَا يُوجَدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهَا وَلَيْسَتْ تِلْكَ الصِّفَةُ لَهَا، وَالْعِزَّةُ عَلَى مَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ الْعَزِيزُ لَيْسَ لِلطَّبْعِ فِيهِ أَثَرٌ وَلَا لِلنَّفَسِ فِيهِ نِسْبَةٌ، بَلْ هِيَ بِثَنَاءٍ مِنَ الْعَزِيزِ، فَتُقْهَرُ نَفْسُ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ وَيُغْلَبُ طَبْعُهُ، فَهِيَ أَبْعَدُ مِنَ الْعِلَّةِ. وَالصِّفَتَانِ جَمِيعًا، أَعْنِي الْمَحَبَّةَ وَالْعِزَّةَ فِعْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمُحِبِّ وَالْعَزِيزِ، غَيْرَ أَنَّ إِحْدَيْهِمَا قَدْ يَكُونُ مَعْلُولَهُ وَهِيَ الْمَحَبَّةُ، وَالْمُحِبُّ فِيهِ مَعْلُولٌ، وَالْعِزَّةُ أَبْعَدُهُمَا مِنَ الْعِلَّةِ، وَأَعْلَاهُمَا مِنَ الْقَدَحِ فِيهَا، فَكَأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَحَبُّ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى حَبَّبَهَا إِلَيْهِ، وَلِلطَّبْعِ فِيهِ أَثَرٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا قَبَّلَ أَحَدَ ابْنَيْهَا الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَتُحِبُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنِّي أَرْحَمُهُ» ، أَيْ أَرِقُّ ⦗٢٨٩⦘ عَلَيْهِ وَأَعْطِفُ عَلَيْهِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ عَزِيزًا عِنْدَهُ بِمَعْنًى أَحْدَثَهُ فِي عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَوَضَعَهُ فِيهِ، فَجَلَّ فِيهِ، فَجَلَّ بِذَلِكَ قَدْرُهُ وَعَظُمَ مَوْقِعُهُ مِنْهُ وَضَنَّ بِهِ، وَلَيْسَ لِلطَّبْعِ فِيهِ أَثَرٌ وَهُوَ الْعِلَّةُ وَهُوَ مِنَ الْعِلَّةِ أَبْعَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute