كَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَسْعَى إِلَى قَبْرِ قَرَابَتِهِ، أَوْ ذِي رَحِمِهِ، فَيَقُولُ: يَا لَيْتَنِي مَكَانَكَ، وَلَا أُعَايِنُ مَا أُعَايِنُ " ح بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ النَّخَعِيُّ، قَالَ: ح أَبُو الْغُبَيْشِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيَبْلُغُ مِنْ تَمَنِّيهِ الْمَوْتَ مَا يَسْأَلُ اللَّهَ ذَلِكَ» ، حَتَّى وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ» أَلَا تَرَى إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ فَقَالَ: مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا أَنْ يَخْضِبَ هَذِهِ مِنْ هَذَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى رَأْسِهِ، فَهَذَا تَمَنِّيهِ لِلْمَوْتِ لِاخْتِلَافِ رَعِيَّتِهِ عَلَيْهِ، وَإِذَا هُمْ لَهُ فِي أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، مَرَّةً يُقَاتِلُ النَّاكِثِينَ، وَمَرَّةً يُقَاتِلُ الْقَاسِطِينَ، وَمَرَّةً يُقَاتِلُ الْمَارِقِينَ مِنَ الْجَمَلِ إِلَى صِفِّينَ، وَمِنْهَا إِلَى النَّهْرِ، ثُمَّ مُخَالَفَةِ رَعِيَّتِهِ لَهُ، وَكُلُّ هَذَا يُرَدِّدُهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، حَتَّى بَلَغَ مِنْ تَمَنِّيهِ الْمَوْتَ مَا ذَكَرَ، وَقَدْ يُحْدِثُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنَ الرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ وَالشَّوْقِ إِلَيْهِ وَالْحُبِّ لِلِقَائِهِ مِمَّا يَشْتَاقُ إِلَى الْمَوْتِ فَضْلًا عَنْ زَوَالِ الْكَرَاهَةِ عَنْهُ لَهُ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَيَسُؤُهُ، وَيَكْرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَسَاءَتَهُ، فَيُزِيلُ عَنْهُ كَرَاهَةَ الْمَوْتِ بِمَا يُرَدِّدُهُ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَالِ، فَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ وَهُوَ لَهُ مُؤْثِرٌ، وَإِلَيْهِ مُشْتَاقٌ وَتَرَدَّدَ: قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى رَدَّدَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، كَمَا ذَكَرْنَا، فَقَدْ جَاءَ عَنْهُمْ تَفَكَّرَ وَفَكَّرَ، وَتَدَبَّرَ وَدَبَّرَ، وَتَهَدَّدَ وَهَدَّدَ، فَيَكُونُ تَرَدَّدَ بِمَعْنَى رَدَّدَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute