فَهَرَّ الْقَوْمُ زُمَيْلًا , وَخَرَجَ رُكُوبُ ابْنُ مُرَادٍ وَهُوَ فِيهِمْ صَادِرِينَ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَلَقِيَهُمْ رَهْطٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ مُقْبِلِينَ مِنْ بَطْنِ نَخْلَةَ فِيهِمُ ابْنُ دَارَةَ , فَسَمِعَهُ زُمَيْلٌ يَتَغَنَّى لَيْلًا:
[البحر الطويل]
إِذَا اتَّسَقَتْ أَخْفَافُهَا فَكَأَنَّمَا ... تَكَسَّرَ بِيضٌ بَيْنَهُنَّ وَخِيمُ
فَقَالَ زُمَيْلٌ: سَالِمٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، فَفَضُّوا مِنْ رِكَابِهِمْ حَتَّى اسْتَتَبَّتْ , ثُمَّ خَنَسَ بَيْنَهُمْ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ ابْنُ دَارَةَ إِلَّا وَهُوَ عَنْ يَمِينِهِ مُسْلِطٌ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: يَا زُمَيْلُ نَشَدْتُكَ الرَّحِمَ، وَأَخْرَجَ رِجْلَهُ مِنَ الْغَرْزِ لِيَنْزِلْ وَضَرَبَهُ زُمَيْلٌ عَلَى فَخِذِهِ حَتَّى رَدَّ سَيْفَهُ الْعَظْمَ وَقَدْ صَدَعَهُ، ثُمَّ كَرَّ إِلَى أَصْحَابِهِ، وَتَصَايَحَ الْعَبْدِيُّونَ: قَتَلَ زُمَيْلٌ صَاحِبَنَا، وَأَقْبَلَ نَحْوَهُمْ فَتَوَاقَفُوا وَحَذَرَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ الْعَبْدِيُّونَ بِجَرِيحِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَدَخَلُوا بِهِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاسْتَعْدَوْهُ، فَأَقْبَلَ عَلَى ابْنِ دَارَةَ فَقَالَ: مَنْ ضَرْبَكَ؟ قَالَ: مَنْظُورُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ ضُرِبْتَ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا وَمَنْظُورٌ عِنْدِي مُقِيمٌ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ أَمِيرُ الْعَبْدِ: زُمَيْلًا، وَأَعْطَاهُ سَيْفَهُ، فَقَالَ مَنْظُورٌ: كَذَبَ ابْنُ الْأَمَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَلْقَ ابْنَ حُرَّةٍ غَيْرَهُ، فَأَمَرَ بِهِ عُثْمَانُ إِلَى الطَّبِيبِ وَقَالَ: أَحْضِرُوا بَيِّنَاتِكُمْ، وَهَرَبَ زُمَيْلٌ، وَخَرَجَتْ رُسُلُ عُثْمَانَ فِي طَلَبِهِ، مَعَهُمْ رُسُلُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ، وَاخْتَفَى زُمَيْلٌ يَتَنَقَّلُ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ حَتَّى نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنْ كَلْبٍ وَتَسَمَّى زُمَيْلٌ بِزَيْنَبَ، فَكَانَ الْكَلْبِيُّ يَقُولُ: اذْهَبُوا بِصَبُوحِ زَيْنَبَ، وَادْرُجُوا بِغَبُوقِ زَيْنَبَ، فَقَالَ زُمَيْلٌ:
أَلَا هَلْ أَتَى فَتَيَانَ قَوْمِيَ أَنَّنِي ... تَسَمَّيْتُ لَمَّا شَبَّتِ الْحَرْبُ زَيْنَبَا
وَأَدْنَيْتُ جِلْبَابِي عَلَى نَبْتِ لِحْيَتِي ... وَأَخْرَجَتُ لِلنَّاسِ الْبَنَانَ الْمُخَضَّبَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute