وَقَالَ:
لَسْتُ وَإِنْ قَالُوا أَمِنْتَ بِآمِنٍ ... وَلَا بَائِتٍ إِلَّا عَلَى جَدِّ مِرْفَقِي
أَخَافُ مَحَاذِيرَ الْأُمُورِ وَمَنْ يَكُنْ ... طَرِيدًا لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ يَفْرَقِ
إِذَا حَالَ أَجْبَالُ الْمَدِينَةِ بَيْنَنَا ... وَذُو النَّخْلِ مِنْ وَادِي نِطَاةٍ فَيُعْتَقِ
ثُمَّ هَجَمَتْ عَلَيْهِ رُسُلُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِمَاءٍ مِنْ مِيَاهِ قَوْمِهِ يُدْعَى الْهَجَعُ، فَلَبِسَ دُرَّاعَةَ أَمَةٍ وَعِمَامَتَهَا وَجَعَلَ يَسْتَقِي وَيَتَعَاجَمُ وَيَقُولُ:
[البحر الرجز]
مَا إِنْ يُرِيدُ الْكَوْمُ إِلَّا كَتْلِي (يُرِيدُ قَتْلِي) ... يَصْرَعْنَ أَوْ يَلْتَوِينَ رِجْلِي
فَظَنَّتْهُ الرُّسُلُ أَمَةً عَجْمَاءَ فَلَمْ يَعْرِضُوا لَهُ - وَقَالَ:
أَنَا زُمَيْلٌ قَاتِلُ ابْنِ دَارَةْ ... وَكَاشِفُ الْمَخْزَاةَ عَنْ فَزَارَةْ
ثُمَّ جَعَلْتَ عَقْلَهُ الْبَكَارَةْ
وَيُقَالُ: إِنَّ ابْنَ دَارَةَ صَحَّ مِنْ ضَرْبَتِهِ وَبَرِئَ - أَوْ قَارَبَ ذَاكَ - فَدَسَّتْ بِنْتُ عُيَيْنَةَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى الطَّبِيبِ الَّذِي يُعَالِجُهُ جُعْلًا - وَيُقَالُ: بَلْ مَنْظُورُ بْنُ سَيَّارٍ - لِيَسُمَّهُ، فَجَعَلَ فِي دَوَاءِ ابْنِ دَارَةَ سُمًّا، فَانْتَقَضَ جُرْحُهُ، فَلَمَّا أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ قَالَ لِأَبِيهِ:
أَبْلِغْ أَبَا سَالِمٍ عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... أَعْنِي بِهَا أَقْرَبَ الْأَقْوَامِ لِلْعَارِ
لَا تَأْخُذُوا دِيَةً عَنِّي فَتَفْتَضِحُوا ... وَإِنْ أَتَاكَ بِهَا تُحْذَى ابْنَ عَمَّارِ
لَا تَأْخُذُوا دِيَةً عَنِّي مُجَلْجَلَةً ... وَاضْرِبْ بِسَيْفِكَ مَنْظُورَ بْنَ سَيَّارٍ
فَلَمَّا بَلَغَ الشِّعْرُ أَبَاهُ قَالَ: عَقَّنِي حَيًّا وَكَلَّفَنِي مَا لَا أُطِيقُ مَيِّتًا، وَقُتِلَ عُثْمَانُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ، وَهَمَّ الْفَرِيقَانِ أَنْ يَتَحَارَبُوا