للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، وَخَلَصَ الْأَمْرُ لِمُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَضَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ حِصْنٍ إِلَى بَنِي عَبْدِ اللَّهِ يَعْرِضُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ، فَأَطَافُوا بِهِ وَجَعَلُوا يَقُولُونَ: أَنْتَ وَاللَّهِ الْبَارُّ الْمُيَتَّمُ، فَلَمْ يَحْفِلْ بِهِمْ وَجَعَلَ يَقُولُ: أَنَا وَاللَّهِ الْبَارُّ الْمُشَهَّرُ، فَأَحْجَمُوا عَنْهُ وَقَبِلُوا مِنْهُ الدِّيَةَ، وَخَاضَتِ الْعَرَبُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقِيلَ فِي ذَلِكَ أَشْعَارٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِ مَا قِيلَ فِيهِ قَوْلُ الْكُمَيْتِ بْنِ مَعْرُوفٍ الْأَسَدِيِّ وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأَمْرِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنَّهُ أُدْخِلَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ:

[البحر الطويل]

مَنْ مُبَلِّغٌ عَنِّي مَعَدًّا وَطَيِّئًا ... وَكِنْدَةَ مَنْ أَصْغَى لَهَا وَتَسَمَّعَا

خُذُوا الْعَقْلَ إِنْ أَعْطَاكُمُ الْعَقْلَ قَوْمُكُمْ ... وَكُونُوا كَمَنْ سِيمَ الْهَوَانَ فَأَرْتَعَا

وَلَا تُكْثِرُوا فِيهَا الضِّجَاجَ فَإِنَّهُ ... مَحَا السَّيْفُ مَا قَالَ ابْنُ دَارَةَ أَجْمَعَا

وَأَقْبَلَ أَقْوَامٌ بِحُرِّ وُجُوهِهِمْ ... وَأَقْبَلَ أَقْوَامٌ بِلَطْمَةِ أَسْفَعَا

فَمَهْمَا تَشَأْ مِنْهُ فَزَارَةُ تُعْطِكُمْ ... وَمَهْمَا تَشَأْ مِنْهُ فَزَارَةُ تَمْنَعَا

فَإِنْ مَاتَ زَمْلٌ فَالْإِلَهُ حَسِيبُهُ ... وَإِنْ عَاشَ زَمْلٌ فَاسْقِيَاهُ الْمُشَعْشَعَا

وَإِنْ نَقَضُوا نُحْرِبْ عَلَيْهِ فَتِيلَهُ ... كَرَهْطِ كُلَيْبٍ أَوْ أَعَزَّ وَأَمْنَعَا

أَخُوهُ وَأَنْتُمْ مَعْشَرٌ لَا أَخَالَكُمُ ... فَصَبْرًا عَلَى ذُلِّ الْحَيَاةِ أَوِ اجْزَعَا

فَغَضِبَ بَنُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ شِعْرِ الْكُمَيْتِ، وَيُقَالُ: بَلْ قَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ الْكُمَيْتُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَهُوَ أَسَدِيُّ فَقْعَسِيُّ أَيْضًا، فَهَجَاهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسَافِعٍ أَخُو سَالِمِ بْنِ دَارَةَ وَتَشَهَّرَ عَلَى بَنِي أَسَدٍ آكِلُ الْكِلَابِ , وَكَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَالِبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدٍ طَوِيَ أَيَّامًا , فَذَبَحَ كَلْبَهُ فَشَوَاهُ وَأَكَلَهُ، فَلَامَهُ قَوْمُهُ فَقَالَ: مَا شَعَرْتُ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُسَافِعٍ:

[البحر الرجز]

<<  <  ج: ص:  >  >>