للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيُورٌ يُسْيقُ بِغَيْرِ مُضْغٍ، فَإِيَّاكُمْ يَا بَنِي أُمَيَّةَ، لَا تُمَثِّلُوا بِهِ فَيُمَثِّلُ بِكُمْ، قَالَ: وَكَانَ مُعَاوِيَةُ وَعَمْرٌو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عِنْدَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُمَا: قُومَا فَأَعْذِرَانِي. فَخَرَجَا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لِعَمْرٍو: تَكَلَّمْ. قَالَ: بَلْ أَنْتَ فَتَكَلَّمْ فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِعُذْرِ صَاحِبِكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ إِنَّ قَوْلَكُمُ الْيَوْمَ سُنَّةٌ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ، حُكْمٌ عَلَى مَنْ خَالَفَكُمْ، وَقَدْ خَلَّى النَّاسُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَمْرِكُمْ فِي هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ حَتَّى يَمْضِيَ قَامَ الْأَمْرُ فَأَقَمْتُمْ بِهِ، وَكَانَ لَكُمْ وَإِلَيْكُمْ، وَإِنْ أَمْضَيْتُمُوهُ وَأَقَمْتُمُ اتَّهَمَكُمُ النَّاسُ عَلَى حُكْمِكُمْ وَحَكَمُوا عَلَيْكُمْ، وَإِنَّ الْفِتْنَةَ تَنْبُتُ عَلَى ثَلَاثٍ: عَلَى التَّخَوُّنِ ثُمَّ السُّكُونِ ثُمَّ الْخَلْعِ وَهِيَ الْعُظْمَى، وَفِيهَا يَصِيرُ الصَّغِيرُ كَبِيرًا وَالشَّرِيفُ وَضِيعًا، وَيَقُولُ فِيهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ يُسْمَعُ مِنْهُ فَيُسْمَعُ لَهُ، وَلَا يُقَالُ مَعَهُ. وَدَعَا عُثْمَانُ عَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِيَعْذِرُوهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:

[البحر الطويل]

دَعَوْنَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ لِيَنْطِقُوا ... بِعُذْرِ أَبِي عَمْرٍو فَلَمْ يَحْفَظُوا الْحُرَمْ

فَأَمَّا عَلِيٌّ فَاخْتِلَاجَةُ أَنْفِهِ ... وَطَلْحَةُ قَدْ أَشْجَى وَعَمْرُو قَدِ اصْطَلَمْ

وَلَوْلَا عَلِيٌّ كَانَ جُلُّ مَقَالِهِمْ ... كَضَرْطَةِ عَيْرٍ بِالصَّحَاصِحِ مِنْ إِضَمْ

وَلَكِنَّهُ مَهْمَا يَقُلْ يَسْمَعُوا لَهُ ... وَمَهْمَا مَضَى فِيمَا أُحَاذِرُهُ أُمَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>