للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ضُربِ أبو حنيفة على الدخول في القضاء، فلم يقبل القضاء. قال: وكان أحمد بن حنبل إذا ذكر بكى، وترحم على أبي حنيفة، وذلك بعد أن ضُرِب أحمد" (١) ومن أراد زيادة من الروايات في ذلك، فليرجع إلى تاريخ الخطيب، وليقرأ الفصل بتمامه. فإذا كان أبو حنيفة يفعل به هذا، ولم يعط التقية، أفيصدق عاقل أن يعطي التقية لابن أبي ليلى؟

وفي الخبر العاشر: عمر بن محمّد بن عيسى السذابي الجوهري.

قال الذهبي: في حديثه بعض النكرة، انفرد برواية ذلك الحديث الموضوع (القرآن كلامي، ومني خرج).

وفي الخبرين الثالث عشر والرابع عشر: ضرار بن صُرد قال ابن أبي حاتم: كان يحيى بن معين يكذبه، وقال البخاري والنسائي متروك، وفيهما سليم بن عيسى المقرئ، قال ابن معين: ضعيف ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة، وقد ذكره الذهبي في الميزان: وذكر له خبرًا باطلًا.

وفي الخبر السابع عشر: ابن درستويه، وقد سبق بيان ضعفه، وفيه محمّد بن فليح المدني، عن أخيه سليمان، قال ابن معين: ليس بثقة، أخوه سليمان مجهول، قال أبو زرعة: لا أعرفه، ولا أعرف لفليح ولدًا غير محمّد ويحيى.

ثم إن الأخبار من رقم: (١٦ إلى ٣٣) كلها، تفيد نسبة استتابة أبي حنيفة. وبعض هذه الأخبار أبهم ما استتيب منه، وبعضها أنه استتيب من الدهر، أو الزندقة، أو الكفر. وكل هذه الروايات واهية الإسناد، وسأذكر البعض منها اختصارًا.

وحقيقة القصة، أن الخوارج لما ظهروا على الكوفة، أخذوا أبا حنيفة -وكانوا يعتقدون كفر من خالفهم- فقالوا له: تب من الكفر، فقال أنا تائب إلى الله من كل كفر، فتركوه، فلَبْس خصوم أبي حنيفة على الناس في الرواية، وقالوا: إن أبا حنيفة استتيب من الكفر.

وقد ذكرت اللجنة الأزهرية في تعليقها على هذه الأخبار، جلاء لقصة استتابة أبي حنيفة من الكفر مرتين، فقالت:

"وقد ذكر ركن الدين أبو الفضل الكرماني، عن الإمام أبي بكر عتيق بن داود اليماني، أن الخوارج لما ظهروا على الكوفة، أخذوا أبا حنيفة، فقيل لهم هذا شيخهم -والخوراج يعتقدون كفر من خالفهم- فقالوا: تب يا شيخ من الكفر، فقال: أنا تائب إلى الله من كل كفر، فخلوا عنه، فلما ولى عنهم قيل لهم: إنه تاب من الكفر، وإنما يعني ما أنتم عليه، فردّوه فقال رأسهم: يا شيخ، إنما تبت من الكفر، وتعني به ما نحن عليه، فقال أبو حنيفة: أبظن تقول هذا أم بعِلْم؟ فقال: بل بظن. فقال أبو حنيفة: إن الله يقول {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. وهذه خطيئة منك، وكل خطيئة عندك كفر. فتب أنت أولًا من الكفر. فقال: صدقت، أنا تائب من الكفر. فتب أنت أيضًا من الكفر، فقال أبو حنيفة رحمه الله: أنا تائب إلى الله من كل كفر, فخلوا عنه. فلهذا قال خصماؤه: استتيب أبو حنيفة من الكفر مرتين، فلَبْسوا على


(١) تاريخ الخطيب: (١٣/ ٣٢٧).