للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقابلت منها نسخة تقويه ... على كل سطر قد حوته صحيح

فأعملت فكري فانثنى متقاعساً ... وعهدي به عند القريض لحوح

وعاد فقيراً في زوايا أضالعي ... وما عنده في نظم ذاك فتوح

ثم إن أعقله بارحته، وصبر إلى اليوم حتى رأى نشاطه لما كن عليه وجانحته، وغالطه في نظم شيء في هذه المادة، وقال: ما ضرك أن تسير جوادك في هذه الجادة، فلا بد له من العرض بين يدي مولانا قاضي القضاة أدام الله تعالى أيامه، وإغضاؤه مضمون الدرك فيما كل السوانح غزلان رامة، فانفعل لذلك بعدما استحيا وخجل، وقال وهو ما بين الجذل والوجل:

الثلج يسقط فوق أوراق حوت ... نارنج بستان سبى بروائه

فكأنما تلك الثلاث سرقن من ... قاضي القضاة الحسن يوم لقائه

فابيض ذا كثنائه واخضر ذا ... من جوده وأنار ذا كذكائه

فشكرت له هذا التخيل وعلمت أنه لطيف التحيل، وقلت: ما بك ما يعوق، فالحق ببضاعتك السوق، فإذا به قد نظم واستعمل القلم، وقال:

نارنجنا في الغصون يحكي ... والثلج في بعضهن رقم

خدا تبدى به عذار ... عاجله بالمشيب هم

فقلت له: لا بد من الزيادة، فإن الخيرة عادة، فقال: أزيدك شيئاً من الاستعارة فإنها لقمر التشبيه داره. وقال:

قد سقط الثلج فوق دوح ... نارنجها يفرح الحزينا

<<  <  ج: ص:  >  >>