١٦٨ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: " إِنَّ أَهْلَ النَّارِ نَادَوْا: {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: ٧٧] " قَالَ: " فَخَلَّى عَنْهُمْ أَرْبَعِينَ عَامًا ثُمَّ أَجَابَهُمْ: {إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} [الزخرف: ٧٧] . فَقَالُوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون: ١٠٧] " قَالَ: " فَخَلَّى عَنْهُمْ مِثْلَ الدُّنْيَا ثُمَّ أَجَابَهُمُ: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} " قَالَ: «فَلَمْ يَنْبُسُ الْقَوْمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلِمَةٍ، إِنْ كَانَ إِلَّا الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ»
١٦٩ - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " كَانَ بَعْضُ الْوَاعِظِينَ يَقُولُ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا: أَنْتَ تَحْتَمِلُ مُحَاوَرَةَ مَالِكٍ؟ ⦗١١٣⦘ وَمَالِكٌ الْمُسَلَّطُ عَلَى مَا هُنَالِكَ فِي بُعْدِ تِلْكَ الْمَهَالِكِ لَسْتَ عِنْدِي كَذَلِكَ مَالِكٌ إِنْ زَجَرَ النَّارَ الْتَهَبَتْ حَرِيقًا لِزَجْرِهِ وَتَوَقَّدَتْ مُسْتَعِرَةً انْصِيَاعًا لِأَمْرِهِ وَاحْتَدَمَتْ تَلَظِّيًا عَلَى الْعُصَاةِ مِنْ غَضَبِهِ وَمَتَى يَرْضَى مَنْ غَضِبِ عَلَيْهِمْ لِغَضَبِ رَبِّهِ؟ إِذَا غَضِبَ مَالِكٌ عَلَى النَّارِ أَكَلَ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَمْ تَخْبُ مِنَ الِاسْتِعَارِ عَلَى الْمُعَذَّبِينَ خِيفَةَ غَضَبِهِ. أَوَ يَرْضَى؟ وَمَتَى يَرْضَى مَنْ فَطَرَهُ اللَّهُ عَلَى طَوَالِ الْغَضَبِ عَلَيْهِمْ، وَمَنْ تَعَبَّدَ اللَّهَ بِمَا يُوصَلُ مِنْ أَلِيمِ الْهَوَانِ إِلَيْهِمْ؟ اسْتَغَاثُوا بِمَنْ لَا يَرْحَمُهُمْ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُمْ، وَلَا يَرْثِي لَهُمْ مِنْ جَهْدِ بَلَاءٍ نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا يَأْوِي لَهُمْ أَوْيَ مُتَوَجِّعٍ مِنْ نَارٍ اطَّلَعْتْ بِحَرِّهَا عَلَيْهِمْ. يَدْعُونَ مَالِكًا وَقَدْ شَوَهتْهُمُ النَّارُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَأَنْضَجَتْهُمْ، ثُمَّ جَدَّدُوا لَهَا خَلْقًا مُسْتَأْنَفًا فَأَكَلَتْهُمْ لَيْسَتْ لِمَالِكٍ هِمَّةٌ - أَيُّهَا الْمُسْتَغِيثُ بِهِ - إِلَّا أَنْ يَرَى فِيهَا سُوءَ مَصْرَعِكَ عَلَى الصَّفَا الزُّلَالِ الْمَحْمِيِّ عَلَيْهِ بَقَايَا لَحْمِ وَجْهِكَ، وَمَوَاقِعَ شُعَبِ ⦗١١٤⦘ الْكَلَالِيبِ انْتَشَبَتْ بِحَوَاشِي جِلْدِكَ، وَاسْتِبَاقِ دُخَانِهَا إِذَا أَخَذَ بِمَجَامِعِ نَفْسِكَ وَيْلَكَ أَيُّهَا الْمُسْتَغِيثُ بِمَالِكٍ إِنَّ مَالِكًا اشْتَدَّتْ سَوْرَةُ غَضَبِهِ، فَهُوَ دَائِبٌ يَشْتَفِي مِمَّنْ أَقْدَمَ صُرَاحًا عَلَى مَعْصِيَةِ رَبِّهِ فَلَا تَسَلْ عَنْ جُهْدٍ يُلَاقُونَهُ بِشِدَّتِهِ، وَوَيْلٍ طَوِيلٍ شَجْوًا تَسِيغُ مَرَارَتَهُ، وَخِزْيِ هَوَانٍ فَتَجَرَّفُوا بِغُصَّتِهِ، وَطَعَامِ زَقُّومِ اعْتُرِضَ فِي حُلُوقِهِمْ بِحَرِّهِ وَخُشُونَتِهِ، وَصَدِيدٍ لَمْ يُسِيغُوهُ إِذَا جُرِّعُوهُ عَلَى كَرَاهَتِهِ، وَشَيَاطِينَ قُرِبُوا بِهِمْ فِي مَهَاوِي ظَلَمَتِهَا، وَسُرَادِقَاتِ نَارٍ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ فِي بُعْدِ غَيَايَاتِهَا، فَمَا أَجْهَدَهُمْ وَهُمْ يُكْرَهُونَ بِالْمَقَامِعِ عَلَى تَنَاوُلِ آنِيَتِهَا الْمُنْتَزَعَةِ مِنْ عصا له اعمت تتريا تَحْتَهَا؟ وَلَقَدْ نَادَوْا بِالْوَيْلِ عِنْدَ أَوَّلِ نَفْحَةٍ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مَسَّتْهُمْ، وَأَقَرُّوا بِالظُّلْمِ حِينَ قُرِنُوا بِنَدَامَتِهِمْ، فَكَيْفَ لَوْ قَدْ طَالَ طَوْلُهُمْ بِدَارٍ رَأَوْا مِنْهُمْ؟ وَلُوِّنَتِ الْمَثُلَاتُ وَالنِّقْمَاتُ عَلَيْهِمْ، وَوُجِّهَ الْمَكْرُوهُ سَوَالِفَ وَأَيْنَ فِيهَا إِلَيْهِمْ؟ تَعَالَوْا نَبْكِ، وَالْبُكَاءُ يَنْفَعُنَا خَوْفَ دَوَاهِيهَا، وَخَوْفَ مَا يَلْقَى الْمُعَذَّبُونَ فِيهَا ⦗١١٥⦘ وَيْحِي إِنْ دَخَلْتُهَا مَعَ مَعْرِفَتِي، وَأَخَذْتُ فِيهَا مَا تَسْمَعُونَ مِنْ مَعْنًى؟ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute