حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ السَّرْخَسِيُّ , حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ حُبَابٍ , عَنْ أَبِي بَكْرٍ , بَيَّاعِ الْعَبَاءِ قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً قُلْتُ: وَجَدْتُ دِينَارًا بِمَكَّةَ قَالَ: عَرِّفْهُ قُلْتُ: أَنَا شَاخِصٌ قَالَ: ادْفَعْهُ إِلَى رَبِّ مَنْزِلِكَ يُعَرِّفْهُ قَوْلُهُ: «إِلَّا لِمُنْشِدٍ» إِلَّا لِطَالِبِهَا , فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: إِلَّا لِنَاشِدٍ؛ لِأَنَّهُ الطَّالِبُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو , عَنْ أَبِيهِ: يُقَالُ: نَشَدْتُ الْبَعِيرَ نَشِيدَةً وَنَشِيدًا فَمَا أَنْشَدَنِيهِ أَحَدٌ , وَنَشَدَنِي فُلَانٌ بَعِيرَهُ فَأَنْشَدْتُهُ أَيْ: دَلَلْتُهُ عَلَيْهِ كَذَا يُقَالُ: نَشَدْتُ الضَّالَّةَ إِذَا سَأَلْتُ عَنْهَا وَأَنْشَدْتُهَا إِذَا عَرَّفْتُهَا وَالنَّاشِدُ: الْحَابِسُ الضَّالَّةَ عَلَى رَبِّهَا. وَقَوْلُهُ: «أَيُّهَا النَّاشِدُ غَيْرُكَ الْوَاجِدُ» , يُرِيدُ أَيُّهَا الطَّالِبُ , وَمِثْلُهُ " مَنْ أَنْشَدَ ضَالَّةً , فَقُولُوا: لَا وَجَدْتَ " يَقُولُ مَنْ طَلَبَ وَقَوْلُهُ: " إِذَا رَأَيْتُمْ مَنْ يُنْشِدُ ضَالَّةً , فَقُولُوا: لَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَنْشَدَ يُنْشِدُ , وَالْأَوَّلُ مِنْ نَشَدَ يَنْشُدُ أَخْبَرَنَا عَمْرٌو , عَنْ أَبِيهِ: يُقَالُ: مِنَ الطَّلَبِ أَنْشَدَ يُنْشِدُ وَقَالَ مُؤَرِّجٌ: الْمُنْشِدُ: الْمُعَرِّفُ , أَنْشَدَ يُنْشِدُ إِنْشَادًا , وَالنَّاشِدُ الْمُعْتَرِفُ , نَشَدَ يَنْشُدُ نِشْدَةً وَنِشْدَانًا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرمل]
أَنْشُدُ النَّاسَ وَلَا أُنْشِدُهُمْ ... إِنَّمَا يَنْشُدُ مَنْ كَانَ أَضَلَّ
أُنْشِدُهُمْ: أَدُلُّ عَلَيْهِمْ , وَقَالَ آخَرُ:
[البحر البسيط]
كَأَنَّهُ نَاشِدٌ نَادَى لِمَوْعِدِهِ ... عَبْدَيْ مَنَافٍ إِذَا اشْتَدَّ الْحَيَازِيمُ
قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ نَاشِدٌ يَقُولُ: طَالِبٌ , وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ:
وَيُصِيخُ تَارَاتٍ كَمَا اسْـ ... ـتَمَعَ الْمُضِلُّ دُعَاءَ نَاشِدْ
وَالْمِضِلُّ هُوَ النَّاشِدُ , فَكَأَنَّهُ أَرَادَ دُعَاءَ مُنْشِدٍ , يُعَرِّفُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ , فَلَوْ أَجْمَعُوا عَلَى تَفْسِيرِ قَوْلِ أَبِي دُؤَادٍ كَانَ حُجَّةً لِقَوْلِهِ: «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ» ؛ لِأَنَّهُ أَجَازَ أَنْ يَجْعَلَ نَاشِدًا فِي مَوْضِعِ مُنْشِدٍ , فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُنْشِدٌ فِي مَوْضِعِ نَاشِدٍ , وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا: أَرَادَ بِقَوْلِهِ " دَعَاءَ نَاشِدٍ: أَيْ سَمِعَ مُنْشِدًا فَظَنَّهُ نَاشِدًا , فَاسْتَمَعَ لَهُ , وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ سَمِعَ نَاشِدًا مِثْلَهُ , فَاسْتَمَعَ لَهُ لِيَتَأَسَّى بِهِ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: «إِلَّا لِمُنْشِدٍ» إِلَّا إِنْ سَمِعَ أَحَدًا يَطْلُبُهَا , فَيَأْخُذُهَا فَيُنَاوِلُهُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: إِلَّا لِنَاشِدٍ , وَإِنْ كَانَ قَدْ يُجْعَلُ أَحَدُهُمَا مَكَانَ صَاحِبِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَقَالَ الْأَخْفَشُ: النَّاشِدُ: الطَّالِبُ الضَّالَّةَ , وَأَنْشَدَ لِأُسَامَةَ بْنِ الْحَارِثِ:
[البحر الطويل]
فَوَاللَّهِ لَا يَبْقَى عَلَى حَدَثَانِهِ ... طَرِيدٌ بِأَوْطَانِ الْعَلَايَةِ فَارِدُ
مِنَ الصُّحْمِ مِيفَاءُ الْحُزُونِ كَأَنَّهُ ... إِذَا اهْتَاجَ فِي وَجْهٍ مِنَ الصُّبْحِ نَاشِدُ
يُصَيِّحُ بِالْأَسْحَارِ فِي كُلِّ صُوَّةٍ ... كَمَا نَشَدَ الذِّمَّ الْكَفِيلُ الْمُعَاهَدُ
وَصَفَ حِمَارًا , فَقَالَ: لَا يَبْقَى عَلَى حَدَثَانِ الدَّهْرِ طَرِيدٌ: حِمَارٌ طَرَدَهُ عَنْ أُتُنِهِ حِمَارٌ آخَرُ بِأَوْطَانِ الْعَلَايَةِ: مَوْضِعٌ فَارِدٌ: فَرْدٌ مِنَ الصُّحْمِ , لَوْنُهُ أَصْحَمُ يُرِيدُ أَحْمَرَ , مِيفَاءُ الْحُزُونِ: يُشْرِفُ عَلَى حَزْمٍ مِنَ الْأَرْضِ: مَا غَلُظَ مِنْهَا يُصَيِّحُ بِالْأَسْحَارِ فِي كُلِّ صُوَّةٍ: وَهُوَ الْعَلَمُ وَهُوَ الْجَبَلُ كَمَا نَشَدَ: طَلَبَ وَنَاشِدٌ: طَالِبٌ وَالذَّمُّ: الْعَهْدُ وَالْكَفِيلُ: الَّذِي كَفَلَ لَهُ بِجِوَارِهِ وَالْمُعَاهَدُ: الَّذِي لَهُ عَهْدٌ وَقَالَ الطِّرِمَّاحُ:
[البحر الكامل]
أَوْ مُعْزِبٌ وَحَدٌ أَضَلَّ أَفَائِلًا ... لَيْلًا فَأَصْبَحَ فَوْقَ قَرْنٍ يَنْشُدُ
قَوْلُهُ: فَعَرَضَ لَهُ شَاعِرٌ يُنْشِدُ نَشِيدًا , إِذَا تَكَلَّمَ بِهِ وَأَظْهَرَهُ كَأَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا عِنْدَهُ مِنْهُ كَمُنْشِدِ الضَّالَّةِ الْمُخْبِرِ أَنَّهُ وَجَدَ ضَالَّةً , فَهُوَ يَدْعُو إِلَيْهَا