١٢١٤ - وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْغَزْوِ فَقَالَ: «لَا يَتَخَلَّفَنَّ عَنِّي إِلَّا مُصْعَبٌ أَوْ مُضْعَفٌ» . وَكَانَتْ أُمُّ أَبِي هُرَيْرَةَ عَمْيَاءَ فَأَرَادَ الْخُرُوجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى مِرْفَقِهَا وَلَا تَقُومَ عَنْهُ إِلَّا بِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ ⦗٢٨٥⦘: " إِنَّكَ لَخَارِجٌ وَتَارِكٌ عَجُوزًا كَبِيرًا لَا تَسْتَطِيعُ تَخْرُجُ إِلَى مِرْفَقِهَا وَلَا تَقُومُ عَنْهُ إِلَّا بِكَ، وَتَرَى أَنَّكَ لَسْتَ فِي جِهَادٍ، إِذَا كُنْتَ عِنْدَهَا فَإِنَّكَ فِي أَفْضَلِ الْجِهَادِ، وَلَوْ أَنَّكَ خَرَجْتَ وَطَفِقَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَيَقُولُ: لَوْ خَرَجْتَ هَا هُنَا وَهِيَ عَلَيْكَ سَاخِطَةٌ لَكُنْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ". فَجَلَسَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَخَرَجَ فِي الْجَيْشِ رَجُلُ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَلَى بَكْرٍ صَعْبٍ فَطَفِقَ يَطْعُنُ بِهِ فِي عِرَاضِ النَّاسِ وَيَصِيحُ بِهِ حَتَّى تَوَقَّصَ بِهِ فِي جُرُفٍ فَتَكَسَّرَا جَمِيعًا، فَمَا نَغَمَ نَغْمَةً إِلَّا أَنْ قَالَ: يَا آلَ عَامِرٍ، ثُمَّ مَاتَ فَصَبَّحُوا خَيْبَرَ، فَأَتَى أَصْحَابُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَعُونَهُ إِلَى جَنَازَتَهِ فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ، فَمَرَّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ وَنَاسٍ مِنِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ يَضْحَكُ وَيُسَائِلُهُمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، امْكُثْ حَتَّى تَتَغَدَّى عِنْدَنَا وَمِرْجَلٌ لَهُمْ يَغْلِي بِهِ لَحْمٌ. قَالَ: «قَدْ أَصَبْتُمُ اللَّحْمَ؟ مَا أَصَبْنَا لَحْمًا بَعْدُ، مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟» . قَالُوا: ابْنُ حِمَارَةٍ كَانَتْ مَعَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حِمَارٌ أَهْلِيٌ؟» . قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «ادْعُ لِي بِلَالًا» . فَتَصَايَحَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ بِبِلَالٍ، فَأَتَى بِلَالٌ يَخِرُّ مَرَّةً وَيَقُومُ أُخْرَى وَيَقُولُ: يَالَبَّيْكَاهُ، يَالَبَّيْكَاهُ، فَلَقَدْ سَمِعْتُ لِلْعَسْكَرِ رَجَّةً مَا سَمِعْنَا لَهُ قَطُّ. فَأَقْبَلَ أَصْحَابُ الْعَامِرِيِّ , فَقَالَ: «مَا شَأْنُ صَاحِبِكُمْ؟ مَا كَانَ وَجَعُهُ؟» . وَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ لَمْ أُؤَذِّنْ فِي النَّاسِ لَا يَخْرُجْ مَعِي مُصْعَبٌ وَلَا مُضْعِفٌ؟» . فَجَاءَ بِلَالٌ فَقَالَ: «أَذِّنْ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لُحُومُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَحْمُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ، وَأَكْلُ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ لِعَاصٍ» ⦗٢٨٦⦘. ثُمَّ دَعَا بِعَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ فَقَالَ: «انْطَلِقْ إِلَى قَوْمِكَ فَاسْتَمِدَّهُمْ لَنَا، فَإِنَّا نَزَلْنَا بِهَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا، وَاللَّهُ فَاتِحُهَا عَلَيْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ يَكْثُرَ سَوَادُنَا عَلَيْهَا» . فَقَالَ عَامِرٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ تُبْعِدُنِي عَنْكَ، وَاللَّهِ لَأَنْ أَمُوتَ وَأَنَا قَرِيبٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا عَنْكَ نَاءٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ عَامِرٌ كَقَوْلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ؟» . قَالَ: بَلَى قَدْ رَضِيتُ فَأَوْصِنِي؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي أَلْقَاكَ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا أَمْ لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجِلَّ اللَّهَ كَمَا تُجِلُّ رَجُلًا ذَا هَيْبَةٍ مِنْ رَهْطِكَ، وَإِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ» وَكَلَامٌ نَحْوَ هَذَا خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ لَمْ يَحْفَظْهُنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute