١٨ - حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْعِجْلِيُّ مِنْ أَهْلِ الْأَدَبِ وَالْمَعْرِفَةِ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ غِيلَانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْخِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَبِيبٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَرَ الْحُلْوَانِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقُزْوِينِيُّ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَجَجْتُ مَعَ هَارُونَ الرَّشِيدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَرَرْنَا بِالْكُوفَةِ فِي طَلَبِ الْمَحَامِلِ فَإِذَا بَهْلُولٌ الْمَجْنُونُ قَاعِدٌ يَهْذِي، فَقُلْتُ لَهُ: اسْكُتْ، فَقَدْ أَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَسَكَتَ. فَلَمَّا حَاذَى الْهَوْدَجَ قَالَ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، حَدَّثَنِي أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ ثنا قُدَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى عَلَى جَمَلٍ وَتَحْتَهُ رَجُلٌ رَثٌّ، فَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ طَرْدٌ وَلَا ضَرْبٌ وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ " فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ بَهْلُولٌ الْمَجْنُونُ ⦗٣٦⦘. قَالَ: قَدْ عُرِّفْتُ بِهِ، وَبَلَغَنِي كَلَامُهُ قُلْ: يَا بَهْلُولُ. قَالَ: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَبْ أَنَّكَ قَدْ مَلَكْتَ الْأَرْضَ طُرًّا وَدَانَ لَكَ الْبِلَادُ فَكَانَ مَاذَا؟ أَلَيْسَ غَدًا مَصِيرُكَ جَوْفَ قَبْرٍ وَيَحْثُو التُّرْبَ هَذَا ثُمَّ هَذَا» ؟ قَالَ: أَجَدْتَ يَا بَهْلُولُ أَفَغَيْرُهُ. قَالَ: «نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جَمَالًا وَمَالًا فَعَفَّ فِي جَمَالِهِ وَوَاسَى فِي مَالِهِ كُتِبَ فِي دِيوَانِ الْأَبْرَارِ» قَالَ: فَظَنَّ أَنَّهُ يُرِيدُ شَيْئًا قَالَ: فَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا أَنْ يُقْضَى دَيْنُكَ. قَالَ: «لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَقْضِ دَيْنًا بِدَيْنٍ، ارْدُدِ الْحَقَّ إِلَى أَهْلِهِ، وَاقْضِ دَيْنَ نَفْسِكَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ نَفْسَكَ هَذِهِ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ هَلَكَتْ وَاللهِ مَا أَنُحْ عَلَيْهَا» قَالَ: فَإِنَّا قَدْ أَمَرْنَا أَنْ يُجْرَى عَلَيْكَ جِرَايَةٌ. قَالَ: «لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا يُعْطِيكَ وَيَنْسَانِي، أَجْرَى عَلَيَّ الَّذِي أَجْرَى عَلَيْكَ، لَا حَاجَةَ لِي فِي جِرَايَتِكَ وَمَضَى»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute