عَبْدُ الرَّزَّاقِ،
١٧٠٧٧ - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ أَبُو مِحْجَنٍ لَا يَزَالُ يُجْلَدُ فِي الْخَمْرِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِمْ سَجَنُوهُ وَأَوْثَقُوهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ رَآهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَكَأَنَّهُ رَأَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَصَابُوا فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ أَوْ إِلَى امْرَأَةِ سَعْدٍ يَقُولُ لَهَا: إِنَّ أَبَا مِحْجَنٍ يَقُولُ لَكِ: «إِنْ خَلَّيْتِ سَبِيلَهُ وَحَمَلْتِيهِ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ، وَدَفَعْتِ إِلَيْهِ سِلَاحًا لَيَكُونَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ»، وَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ يَتَمَثَّلَ:
[البحر الطويل]
كَفَى حُزْنًا إِنْ تَلْتَقِيَ الْخَيْلُ بِالْقِنَا ... وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
إِذَا شِئْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَغُلِّقَتْ ... مَصَارِيعُ مَنْ دُونِي تُصَمَّ الْمُنَادِيَا،
فَذَهَبَتِ الْأُخْرَى فَقَالَتْ: ذَلِكَ لِامْرَأَةِ سَعْدٍ، فَحَلَّتْ عَنْهُ قُيُودَهُ، وَحُمِلَ عَلَى فَرَسٍ كَانَ فِي الدَّارِ وَأُعْطِيَ سِلَاحًا، ثُمَّ جَعَلَ يَرْكُضُ حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ، فَجَعَلَ لَا يَزَالُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ، وَيَدُقُّ ⦗٢٤٤⦘ صُلْبَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ، فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: «مَنْ هَذَا الْفَارِسُ؟» قَالَ: " فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ فَرَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ وَرَدَّ السِّلَاحَ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْقُيُودِ كَمَا كَانَ، فَجَاءَ سَعْدٌ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ - أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ؟ فَجَعَلَ يُخْبِرُهَا وَيَقُولُ: لَقِينَا وَلَقِينَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، لَوْلَا أَنِّي تَرَكْتُ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْقُيُودِ لَظَنَنْتُ أَنَّهَا بَعْضُ شَمَائِلِ أَبِي مِحْجَنٍ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَبُو مِحْجَنٍ، كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ قَالَ: " فَدَعَا بِهِ وَحَلَّ عَنْهُ قُيُودَهُ، وَقَالَ: " لَا نَجْلِدُكَ فِي الْخَمْرِ أَبَدًا، قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ فِي رَأْسِي أَبَدًا، إِنَّمَا كُنْتُ آنَفُ أَنْ أَدَعَهَا مِنْ أَجْلِ جَلْدِكَ قَالَ: فَلَمْ يَشْرَبْهَا بَعْدَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute