للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٥ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أَخِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ مُوسَى الْمَخْزُومِيِّ قَالَ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ رَجُلًا حَسُودًا لِقَوْمِهِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَدَرَ إِلَيْهِ عُوَيْفُ الْقَوَافِي، فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ وَمَا بَقَّيْتَ لَنَا بَعْدَ مَا قُلْتَ لِأَخِي بَنِي زُهْرَةَ؟ أَلَمْ تَقُمْ عَلَيْنَا السَّاعَةُ يَوْمَ قَامَتْ عَلَيْهِ؟ أَلَسْتَ الَّذِي يَقُولُ:

[البحر الوافر]

إِذَا مَا جَاءَ يَوْمُكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ ... فَلَا مَطَرَتْ عَلَى الْأَرْضِ السَّمَاءُ،

وَلَا سَارَ الْبَرِيدُ بِغُنْمِ جَيْشٍ ... وَلَا حَمَلَتْ عَلَى الطُّهْرِ النِّسَاءُ،

تَسَاقَى النَّاسُ بَعْدَكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ ... ذَرِيعَ الْمَوْتِ لَيْسَ لَهُ شِفَاءُ

ثُمَّ قَالَ: اصْرِفْهُ، فَانْصَرَفَ، فَلَقِيَهُ الْقُرَشِيُّونَ وَالشَّامِيُّونَ، فَقَالُوا: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ يَلِي صَدَقَاتِهَا، مَا الَّذِي اسْتَخَرَجَ بِهِ مِنْكَ هَذَا؟ قَالَ: " وَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَانِي غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَانِي، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا أَعْطَانِي أَحَدٌ قَطُّ عَطِيَّةَ أَبْقَى عِنْدِي شُكْرًا، وَلَا أَدْوَمَ فِي قَلْبِي لَذَّةً مِنْ عَطِيَّةٍ أَعْطَانِيهَا، وَذَلِكَ أَنِّي قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أُرِيدُ أَنْ أَبْتَاعَ قَعُودًا مِنْ قِعْدَانِ الصَّدَقَةِ، وَمَعِي بِضَاعَةٌ لَا تَبْلُغُ الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ، فَإِذَا رَجُلٌ بِصَحْنِ السُّوقِ، جَالِسٌ عَلَى طَنْفَسَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إِبِلٌ مَعْطُونَةٌ - أَيْ مَحْبُوسَةٌ فِي الْعَطَنِ - فَظَنَنْتُهُ حِينَ رَأَيْتُهُ عَامِلَ السُّوقِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَثْبَتَنِي وَجَهِلْتُهُ فَقُلْتُ: «رَحِمَكَ اللَّهُ، هَلْ أَنْتَ مُعِينِي بِبَصَرِكَ عَلَى قَعُودٍ مِنْ هَذِهِ الْقِعْدَانِ تَبْتَاعُهُ لِي؟» قَالَ: نَعَمْ، أَمَعَكَ ثَمَنُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَاهُ وَجَلَسْتُ طَوِيلًا، ثُمَّ قُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: «رَحِمَكَ اللَّهُ، انْظُرْ فِي حَاجَتِي» ، قَالَ: مَا مَنَعَنِي مِنْكَ إِلَّا النِّسْيَانُ أَمَعَكَ حَبْلٌ؟ قُلْتُ: «نَعَمْ،» قَالَ: هَكَذَا افْرِجُوا، فَتَوَسَّعَ النَّاسُ لَهُ، فَقَالَ: «اقْتَرِنْ هَذِهِ وَهَذِهِ» ، فَمَا نَزَعَ حَتَّى «أَمَرَ لِي بِثَلَاثِينَ فَرِيضَةً أَدْنَى فَرِيضَةٍ مِنْهَا خَيْرٌ مِنْ بِضَاعَتِي» ، فَقُلْتُ: أَيْ رَحِمَكَ اللَّهُ، أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلَّا وَهَزَّنِي وَشَتَمَنِي، ثُمَّ رَفَعَ طَنْفَسَتَهُ وَقَالَ: «شَأَنَكَ بِبِضَاعَتِكَ فَاسْتَعِنْ بِهَا عَلَى مَنْ تَرْجِعُ إِلَيْهِ» ، وَاللَّهِ لَا أَنْسَاهُ مَا كُنْتُ حَيًّا أَبَدًا، وَقَالَ عُوَيْفُ الْقَوَافِي يَمْدُحُهُ، وَهُوَ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ:

[البحر الكامل]

يَا طَلْحَ أَنْتَ أَخُو النَّدَى وَعَقِيدُهُ ... إِنَّ النَّدَى إِنْ مَاتَ طَلْحَةُ مَاتَا

إِنَّ الْفِعَالَ إِلَيْكَ أَطْلَقَ رَحْلَهُ ... فَبِحَيْثُ بِتَّ مِنَ الْمَنَازِلِ بَاتَا

<<  <   >  >>