للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمفرد وقارن فسخ نيتهما بحج، وينويان بإحرامهما ذلك عمرة مفردة؛ لحديث الصحيحين السابق، فإذا حلَّا: أحرما به؛ ليصيرا مُتمتِّعين ما لم يسوقا هديًا، أو يقفا بعرفة، (٢٤) وإن ساقه مُتمتِّع: لم يكن له أن يحلَّ فيُحرم بحج إن طاف وسعى لعمرته قبل

المواقيت من جهة مكة -: فلا هدي عليه، ثانيهما: أن لا يُسافر المتمتع بعد إحلاله من العمرة، فإن سافر مسافة قصر، ثم رجع مُحرمًا للحج: فلا دم عليه؛ للكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ إلى قوله: ﴿لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ فالذي يبعد عن الحرم مسافة قصر هو: الآفاقي؛ حيث لا يكون أهله من حاضري المسجد الحرام، وهو الذي يُحرم من أحد المواقيت، وهو الذي أدَّى عمرة وحجة في سفرة واحدة ولم يُسافر بينهما مسافة قصر، فلزم الشرطان من الآية، فإن قلتَ: لمَ وجب عليه دم نسك، لا دم جبران؟ قلتُ: لأن دم النسك دم شكر فيؤكل منه، ودم الجبران دم وجب لجبران ما نقص من فعل محظور ونحوه، فهذا لا يؤكل منه.

(٢٤) مسألة: يُستحب لمن أحرم بإفراد، ولمن أحرم بقِران: أن يفسخا نيتهما، وينويان عمرة مفردة، فإذا أحلَّا منها: أحرما بالحج؛ ليكونا مُتمتِّعين، وذلك بشرطين: أولهما: أن لا يكون القارن قد ساق الهدي، فإن ساقه فلا يصح الفسخ، ثانيهما: أن لا يكونا قد وقفا بعرفة فإن وقفا فيها: لم يصح الفسخ؛ للسنة القولية؛ حيث إنه قد أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي، وهذا الأمر وقع قبل الوقوف بعرفة، فلزم الشرطان من ذلك، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط الشرطان؟ قلتُ: لكونه لما ساق الهدي أصبحت نية القِران مؤكدة بالسوق حيث نواها لله، وما هو لله لا يُنقض، ولأنه نوى بالوقوف بعرفة أنه للحج المفرد أو للقِران، فلا تنقلب النية بعد وقوعها خاصة في الركن الأعظم للحج قال : "الحج عرفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>