للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فتحوها) عنوة (بالسيف) فأجلوا عنها أهلها (خُيِّر الإمام بين قسمها) بين الغانمين (ووقفها على المسلمين) بلفظ من ألفاظ الوقف ويضرب عليها خراجًا مستمرًا يؤخذ ممن هي بيده) من مسلم وذمي، يكون أجره لها في كل عام كما فعل عمر فيما فتحه من أرض الشام والعراق ومصر، وكذا: الأرض التي جلو عنها؛ خوفًا منا، أو صالحناهم على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج، (٣١) بخلاف ما صُولحوا على

في بيت المال، وهو قول كثير من السلف، وتبعهم ابن تيمية وابن القيم؛ للسنة القولية؛ حيث "نهى عن إضاعة المال" وإحراق ذلك يُعتبر من إضاعة المال قلتُ: إن إحراق ذلك ليس من باب إضاعة المال، بل من باب حمايته؛ لأن هذا الفعل فيه زجر للفاعل وردع للآخرين من أن يفعلوا مثله، ففيه حماية لحقوق الآخرين من النهب والسلب وإبقاؤه كما قلنا في مصلحة قطع يد السارق ونحوه من العقوبات، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض السنتين، والمصلحتين" كما فصَّلنا.

(٣١) مسألة: إذا غنم المجاهدون أرضًا عن طريق القتال والقهر، أو عن طريق جلاء الكفار عنها بدون قتالٍ، بل لخوف من المسلمين، أو عن طريق مصالحة المجاهدين معهم على أن تلك الأرض للمجاهدين، وهم يُقرِّونها بأيدي الكفار بالخراج فإن الإمام أو نائبه مُخيَّر بين أمرين: أحدهما: أن يُقسِّمها بين الغانمين ثانيهما: أن يوقفها على مصالح المسلمين بأحد ألفاظ الوقف، ويضرب عليها خراجًا مستمرًا بأن يقول مثلًا: "على كل متر من هذه الأرض أجرة وقدرها مائة درهم أو دينار - أو ما يُعادلهما من الأثمان - تؤخذ تلك الأجرة سنويًا ممن هي بيده: سواء كان مسلمًا أو ذمِّيًا" وهذا التخيير تخيير مصلحة كالتخيير في الأسرى؛ حيث إن الإمام يرى ما تقتضيه المصلحة فيفعله - بعد مشورة أهل العلم والفضل والخبرة في ذلك؛ لقواعد: الأولى: السنة الفعلية؛ حيث إنه قسَّم نصف أرض خيبر بين المسلمين، ووقف نصفها الآخر على نوائبه، =

<<  <  ج: ص:  >  >>