للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: ويصح الأمان من مسلم عاقل مختار غير سكران

قد تاجر في بلاد المسلمين، ثالثًا: الذي يُؤخذ منهم كنصف عشر مكسب تجارة كافر ذمِّي قد تاجر في بلاد المسلمين، رابعًا: الذي يُؤخذ منهم لما هربوا، أو فزعوا، أو طلبوا الهدنة، خامسًا: الذي يؤخذ من كافر قد مات لا وارث له، وكذا: مال مسلم لا وارث له مثله سادسًا: الذي يُؤخذ كخمس خمس الغنيمة - وهو: سهم الله ورسوله كما سبق في مسألة (٢٤) -، وهذه الأموال توضع في بيت المال، وتُصرف في مصالح المسلمين العامة، ويُقدَّم في ذلك الأهم فالمهم على حسب الحاجة بكل عدالة وإخلاص، فيُبدأ مثلًا بتوفير المياه للمسلمين: من إصلاح الأنهار أو حفر الآبار، أو توصيل المياه إلى منازل المسلمين، ووضع القناطر؛ لكون نفع ذلك ظاهر وعام، ثم يُصرف على أشياء تُعين في الدين والحكم فيه كوضع القضاة، والتشجيع على طلب العلم طلبًا حقيقيًا وتوفير الكتب مع توفير العلماء الذين يشرحون تلك الكتب ويبينونها للناس، ثم يُعمل بعد ذلك ما يُناسب المصالح العاجلة والآجلة، ثم إن بقي شيء: فإنه يُصرف على جميع المسلمين الأحرار، فقيرهم وغنيهم على السواء، فلا يجوز لأي شخص قد تولَّى أمر المسلمين أن يحابي نفسه بما عنده من مال الدولة أو المنافقين الذين حوله، ويترك من قد يكون أخلص له من هذا المنافق الذي يدور حوله؛ لأن من نافقك فسيُنافق غيرك، ومن خان غيرك فسيخونك لا محالة وهذه قاعدة في السياسة الشرعية؛ لقاعدتين: الأولى: قول الصحابي؛ حيث قال عمر : "ما أحد من المسلمين إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد" فأثبت أن لكل مسلم حق بالتساوي ونفاه عن العبيد؛ لأن الاستثناء من الإثبات نفي، ولأن نفس العبيد مال لأسيادهم، الثانية: المصلحة؛ حيث إن هذا التقسيم يُحقق جلب المصالح، ودفع المفاسد، وهذا هو الغرض الذي جاء الإسلام لأجله، فإن قلتَ: لمَ سُمِّي هذا المال بالفيء؟ قلتُ: لأن الفيء هو: الرجوع، وهنا قد أرجع المال من غير المستحقين له وهم الكفار إلى المسلمين؛ لإعانتهم على عبادة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>