للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحيث ضمنها المستعير فـ (بقيمتها يوم تلفت) إن لم تكن مثلية، وإلا: فبمثلها، كما تضمن في الإتلاف (١٧) (ولو شرط نفي ضمانها): لم يسقط؛ لأن كل عقد اقتضى الضمان لم يُغيِّره الشرط (١٨)، وعكسه نحو: وديعة لا تصير مضمونة بالشرط، وإن

= يتعدَّى؛ لأن هذا هو اللازم من استعمالها في غير ما استُعيرت له، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إنه قد ثبت عن ابن عباس وأبي هريرة: أن العارية مضمونة، وهذا الإطلاق مُقيَّد بالقياس السابق، واللازم، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا التفصيل؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق المعير والمستعير، وعدم التفريط في حقوق الآخرين، والتعدِّي على أموالهم، تنبيه: قوله: "لكن المستعير من المستأجر": حكمه حكم المسألة السابقة ففيه التفصيل الذي قلناه فيها، فلا داعي لتخصيصها بالذكر.

(١٧) مسألة: إذا فرَّط المستعير في العارية أو تعدَّى في استعمالها، أو استعملها في غير ما استُعيرت له: وتلفت فإن كان للعين المعارة مثل يشبهها تمامًا: فإنه يدفع للمعير هذا المثل: كأن يكون قد استعار إناء، ثم تلف - بما ذكرناه -: فإنه يردُّ على المعير إناء مثله - إن وُجد -، وإن لم يكن للعين المعارة مثل: فإنه يردُّ قيمتها في اليوم الذي أُتلفت فيه؛ للقياس؛ بيانه كما أن زيدًا لو أتلف إناء - بدون أن يستعيره - فإنه يضمنه بأن يردُّ مثله إلى صاحبه إن كان له مثل، ويدفع له قيمته يوم الإتلاف إن لم يكن له مثل، فكذلك الحكم في استعارته، والجامع: أن كلًّا منهما قد أُتلف بدون وجه حق، فوجب ضمانه بما ذكرناه، فإن قلتَ: لم يُضمن بدفع مثله وقيمته إن عُدم المثل؟ قلتُ: لأن المثل أقرب من القيمة في إحقاقا لحق، فإن قلتَ: لِمَ يُضمن بقيمته يوم إتلافه؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه اليوم الذي تحقَّق فيه فوات العين المعارة، فقد يختلف سعرها بالهبوط أو بالارتفاع، فيتضرر المعير، أو المستعير، فدفعًا لذلك: شرع هذا.

(١٨) مسألة: إذا أخذ المستعير العين المعارة وشرط على المعير: أن لا يضمنها فيما لو =

<<  <  ج: ص:  >  >>