(أو) ردَّها لمن يحفظ (مال ربها: لم يضمن)؛ لجريان العادة به (١١) ويُصدَّق في دعوى التلف والرَّد كالمودَع (١٢)(وعكسه الأجنبي والحاكم) بلا عذر، فيضمن المودَع بدفعها إليهما؛ لأنه ليس له أن يودع من غير عذر (ولا يطالبان) أي: الحاكم والأجنبي
= لحفظه، له ولا يُعتبر حافظًا له من جهته، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياسين" كما سبق بيانهما.
(١١) مسألة: إذا دفع المودع - وهو زيد - الوديعة إلى المودَع - وهو عمرو - فدفعها المودَع إلى بكر الذي يحفظ مال المودِع - وهو زيد - ثم تلفت: فإن المودَع - وهو عمرو - لا يضمنها؛ للقياس؛ بيانه كما أن هذا الحافظ - وهو بكر - لمال المودِع - وهو زيد - قد أمنه على ماله بنفسه، فكذلك المودَع - وهو عمرو - يأمنه على تلك الوديعة التي تُعتبر من مال المودِع - وهو زيد - مثل ذلك، والجامع: أن بكرًا عند زيد وعمرو يُعتبر أمينًا على مال زيد غير متّهم، تنبيه: قوله: "لجريان العادة به" فيه استدلال بالعادة والعرف هنا، وهذا لا يصلح للاستدلال به هنا؛ إذ العادة والعرف غير محكَّمة هنا؛ لاختلاف عادة البيئات، وأعراف المجتمعات، فإن قلتَ: لِمَ لا يضمن هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير على المودَع؛ حيث إنه قد يطرأ طارئ عليه فلا يجد صاحبها، فيعطيها مَنْ يحفظ ماله.
(١٢) مسألة إذا دفع المودَع - وهو عمرو - الوديعة التي عنده إلى من يحفظ هو كوكيله، أو زوجته، أو عبده - كما سبق في مسألة (١٠) - أو دفعها إلى من يحفظ مال المودِع - وهو بكر كما في مسألة (١١) - وادَّعى هؤلاء الأربعة - وهم: الوكيل والزوجة، والعبد، ومن يحفظ مال المودِع وهو بكر - أنهم سلَّموها إلى صاحبها - وهو المودع - أو ادَّعوا بأنها تلفت بلا تفريط ولا تعدِّ: فإنهم يُصدَّقون في ذلك؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يُصدَّق المودَع في ذلك فكذلك يُصدَّق هؤلاء والجامع: أن كلًّا: منهم يُعتبر حافظًا غير متهم.