للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالوديعة إذا تلفت عندهما بلا تفريط (إن جهلا) جزم به في "الوجيز"؛ لأن المودَع ضمن بنفس الدفع والإعراض عن الحفظ فلا يجب على الثاني ضمان؛ لأن دفعًا واحدًا لا يوجب ضمانين، وقال القاضي: له ذلك، فللمالك مطالبة من شاء منهما (١٣)، ويستقر الضمان على الثاني إن علم، وإلا: فعلى الأول، وجزم بمعناه في

(١٣) مسألة إذا دفع المودَع الوديعة إلى الحاكم، أو إلى الأجنبي من غير عذر - كحضور وفاة للمودَع أو إرادته للسفر - ثم تلفت تلك الوديعة عند ذلك الحاكم، أو الأجنبي -: فإن المودَع الأول يضمنها، إن كان الحاكم أو الأجنبي جاهلين بأنها وديعة، فيُطالب صاحب الوديعة المودَع بها أو بقيمتها، ولا يُطالب الحاكم أو الأجنبي بها؛ للتلازم؛ حيث إن كون المودِع قد اختار نفس ذلك المودَع فوضع عنده تلك الوديعة يلزم منه: أنه إذا وضعها المودَع عند غيره بلا إذن ولا عذر: أنه يضمنها عند تلفها؛ لكونه بمجرد الدفع لغيره يُعتبر إعراضًا عن الحفظ. فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: لأن معاملة المودِع كانت مع المودَع الأول فقط، فلا دخل للمودَع الثاني - وهو الحاكم أو الأجنبي - فيه، فإن قلت: لَم لا يضمن المودَع الثاني؟ قلتُ: لأن دفع الوديعة كان واحدًا، والواحد لا يوجب ضمانين من شخصين، فإن قلتَ: إن للمودِع مطالبة الثاني - وهو الحاكم أو الأجنبي - بالضمان، فلصاحب الوديعة مطالبة المودَع الأول، أو مطالبة المودَع الثاني - وهو الحاكم أو الأجنبي، وهو قول بعض الشافعية وعليه كثير من الحنابلة ومنهم أبو يعلى؛ للقياس؛ بيانه: كما أن القابض من الغاصب ما غصبه يضمنه إذا تلف، فكذلك الحاكم أو الأجنبي إذا قبض من المودَع الأول الوديعة فتلفت: فإنه يضمنها والجامع: أن كلًّا منهما قد قبض مال غيره على وجه لم يكن له قبضه، ولم يأذن له مالكه قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن القابض للوديعة من المودَع - وهو الحاكم أو الأجنبي - قد أُذن له في قبضها من قبل المودَع الأول فكان له قبضه، والمودَع في وقت كون الوديعة عنده وكيل عن المودع - وهو=

<<  <  ج: ص:  >  >>