للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"المنتهى" (١٤) (وإن حدث خوف أو) حدث للمودَع (سفر: ردَّها على ربها) أو وكيله فيها؛ لأن في ذلك تخليصًا له من دركها، فإن دفعها للحاكم إذًا: ضمن؛ لأنه لا ولاية له على الحاضر (١٥)، (فإن غاب) ربها: (حملها) المودَع (معه) في السفر: سواء

= مالكها - والمسألة مفروضة فيما إذا جهل المودَع الثاني - وهو الحاكم أو الأجنبي - بأن ما قبضه وديعة، أما إذا علم بأنها وديعة فلها حكم آخر سيأتي بيانه، بخلاف القابض من الغاصب فالغاصب ليس وكيلًا عن صاحب العين المغصوبة، ومع هذا الفرق لا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع التلازم" كما هو واضح هنا.

(١٤) مسألة: إذا دفع المودَع الوديعة إلى الحاكم، أو الأجنبي من غير عذر، وهذا الحاكم أو الأجنبي يعلم أنها وديعة، فتلفت: فإنه يضمن، أي: للمودِع، وهو مالك الوديعة أن يُطالب المودَع الأول، أو المودَع الثاني - وهو الحاكم أو الأجنبي -، للتلازم؛ حيث إن كلًّا منهما قد تعدَّى أو فرط في الوديعة حتى تلفت مع علمهما بأنها وديعة فعليهما الضمان.

(١٥) مسألة: إذا وجد عذر للمودَع كحدوثة خوف، أو سفر، أو حضرة وفاة: فإنه يجب عليه أن يردَّ الوديعة إلى صاحبها، أو إلى وكيله في حفظ أمواله، ولا يجوز له أن يدفعها إلى الحاكم - وهو القاضي - مع حضور صاحبها أو وكيله، فإن دفعها إلى الحاكم مع ذلك وتلفت: فإنه - أي: المودع - يضمنها؛ لقاعدتين: الأولى: المصلحة؛ حيث إن ردّها إلى صاحبها، أو وكيله فيه إيصال للحق إلى مستحقه، وإبراء للذمّة، الثانية: التلازم؛ وهو من وجهين: أولهما: أنه يلزم من كون الحاكم لا يتولَّى على الحاضر: أن لا تدفع له الوديعة مع حضور صاحبها، أو وكيله، ثانيهما: أنه يلزم من كون المودَع قد دفع الوديعة إلى غير مالكها بغير إذنه من غير عذر: أن يضمنها إذا تلفت، فإن قلت: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك يجعل المودعَ يدفع الوديعة لمالكها، لا لغيره؛ لئلا تضيع الحقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>