للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وله التزود إن خاف (١٩)، ويجب تقديم السؤال على أكله (٢٠)، ويتحرى في مذكاة

= ويحفظ عليه قوته، فإن لم يضطر إلى ذلك، أو كان في سفر معصية، أو شبع من المحرم: فلا يجوز له ذلك؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ حيث دل على إباحة أكل المحرمات حال الاضطرار، وتضمَّنت هذه الآية الشرطين: الأول والثالث؛ حيث بين الجواز للمضطر، وأن لا يزيد على الضرورة، الثانية: المصلحة؛ حيث إن أكل المضطر للمحرم فيه إبقاء المهجة، وهي الحياة، والإكثار من أكل المحرم مضر بالأكل، وإذا أكل منه المسافر سفر معصية كقاطع الطريق: ففي ذلك تعاون على الإثم والعدوان، والله تعالى نهى عن ذلك بقوله: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾، والنهي مطلق فيقتضي التحريم، وأكل السم يؤدي إلى الموت مباشرة فلم يجز، فإن قلت: إن هذه رخصة مباحة، وليست واجبة، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ للتلازم؛ حيث يلزم من كون هذا ورد بعد حظر: أن يكون للإباحة قلتُ: إن الحكم يختلف باختلاف حال الآكل: فإن خشي الهلاك - كما في هذه المسألة - فيجب عليه الأكل من المحرم، وإن لم يخش ذلك فيباح، وقد بيّنتُ ذلك بالتفصيل في كتابي: "الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس".

(١٩) مسألة: يجوز للمضطر المسافر سفر طاعة أن يتزوَّد ويأخذ من اللحوم المحرمة: سواء خاف الهلاك، أو لا، لكن لا يأكل منها إلا إذا لم يجد الحلال؛ للمصلحة: حيث إن في تزوّده وأخذه من ذلك لا ضرر فيه وفيه احتياط لنفسه فقد لا يجد شيئًا من الحرام أو الحلال، فدفعًا لذلك يتزود ويأخذ منها، فإن قلت: لا يتزود منها إلّا عند خوف التلف، وهو ما ذكره المصنف هنا قلتُ: لم أجد دليلًا قويًا على ذلك.

(٢٠) مسألة: إذا كان المضطر الذي شارف على الهلاك يستطيع أن يأكل مما يسأل الناس ويعطونه إياه: فيجب عليه أن يفعل ذلك، وهو مقدَّم على أكل المحرَّم؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>