عن عمر وابنه وعائشة وعمران بن حصين ﵃(١٠)، وكذا: لا يطهر
= قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "الخلاف في تطرق الاحتمال إلى فعله ﷺ": فعندنا يتطرق، وعندهم: لا يتطرق.
(١٠) مسألة: الإناء المصنوع من جلد حيوان مأكول مات: يجوز استعماله في الطهارة وغيرها بشرط: أن يُدبغ -والدبغ: تنظيف ونزع الفضلات العالقة بالجلد من النجاسات -كما قال القرافي في "الذخيرة"(١/ ١٦٦)،- للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"أيما إهاب دبغ فقد طهر" والإهاب: هو الجلد، وهذا عام؛ حيث إن "أي" الشرطية من صيغ العموم، ويكون المراد: أيُّ جلد نجس بالموت فإن الدباغة تطهره، وهذا هو لازمه؛ إذ لا يُقال ذلك إلا فيما لحقه التنجيس، فإن قلتَ: لِمَ جاز ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه توسعة على الناس، لأن بعض الحيوانات تموت فجأة، فلو مُنع من الانتفاع بجلودها بعد دبغها: للحق بعضهم الضيق والمشقة، فإن قلتَ: إن جلد الميتة من الحيوان لا يطهر سواء دُبغ أو لا، وهو ما ذكره المصنف هنا؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ حيث إنه حرم الانتفاع بأي جزء من أجزاء الميتة؛ لأن لفظ "الميتة" مفرد محلى بأل وهو من صيغ العموم والجلد جزء منها، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب" -كما رواه عبد الله بن عكيم، وهو واضح الدلالة، الثالثة:"قول الصحابي؛ حيث ثبت عن عمر وابنه وعائشة: أنهم كانوا يقولون بعدم طهارته، قلتُ: أما الآية فهي عامة، وقد خُصِّصت بالسنة القولية التي ذكرنا -وهي: "أيما إهاب .. "-، أما حديث عبد الله بن عكيم: فهو ضعيف كما قال كثير من أئمة الحديث، وعلى فرض صحته: فإنه يحمل على الجلد قبل الدبغ؛ لأن "إهاب" يشمل الجلد قبل وبعد الدباغة، أما قول الصحابي: فلا يُحتج به؛ لأنه عارض السنة القولية -وهي: "أيما إهاب دبغ فقد طهر"- تنبيه: جلد الحيوان المأكول المذكى يجوز استعماله؛ للإجماع، =