للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفَاطِمَةَ فَضْلَ تَمَرَاتٍ، فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم حَتَّى اجْتَمَعَ لِفَاطِمَةَ فَضْلٌ مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَهُ فِي خِرْقَةٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ، فَحَمَلَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم أَحَدَهُمَا، وَعَلِيٌّ الآخَرَ حَتَّى أَقْلَبَهُمَا (١). رواه الطبراني بإسناد حسن.

١٤٣ - وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: حَضَرْنَا (٢)

عِرْسَ عَلِيٍّ وَفاطِمَةَ،


= إن الحياة لثوب سوف تخلعه ... وكل ثوب إذا ما رث ينخلع
(لمع) بقية الماء المنقطع في الأرض. فلم يغتر بالدنيا وزخارفها الإمام علي رضي الله عنه ولم يفكر إلا في طاعة الله تعالى هو وأهل بيته. السادر الشوم المتكبر (المزور) الرجل الذي لا يبالي بما فعل، كناية عن الكبر، نقلت هذا الشعر لأصور لك صورة من كلام الفصحاء الذين أعربوا عن دنايا الدنيا، ولن تجد قدوة حسنة في زهدها مثل بيت النبوة صلى الله عليه وسلم الذي لا يجد شيئاً.
(١) حتى أقلبهما كذا ع ص ٣٥٣ أي صرفهما من هذا الفناء إلى المنزل وفي النهاية. كان يقول لمعلم الصبيان: اقلبهم: أي اصرفهم إلى منازلهم، وفي ن د أقبل بهما، وفي ن ط أقلباهما. يلعب الحسن والحسين في جهة واسعة بين النخيل فيخشى جدهما صلى الله عليه وسلم عليهما الشمس فيجلس معهما مدة انتظار أن يجمع علي وزوجه رضي الله عنهما التمر ثم يذهبون إلى المنزل بيت النبوة وبيت علي ليس فيهما شيء من حطام الدنيا يأتي القوت كل يوم أولاً أولاً على قدر الحاجة.
(٢) ليلة الزفاف واجتماع العروسين في عقد شرعي ونكاح حلال، كان عشاء من وجد تمراً وزبيباً وأثاث العروسة جلد محشو بليف فقط. هذا لبنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن يتأسى بها الآن؟ من يزهد؟ من يقنع؟ من يرضى بما قسم الله له؟ ويهدأ ويطمئن ويقبل على الله بأعماله الصالحة فقط، ويفهم قول الله تبارك وتعالى [فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون (٣٦)] من سورة الشورى.
ما عند الله من الثواب: نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين تصدق بجميع ماله فلامه الناس. أهـ نسفي. فانتظار نعيم الله في الآخرة هو الذي دعا هؤلاء الأبطال إلى التقلل من الدنيا وليضربوا المثل الأعلى في الزهد. وأما الكفرة والفسقة والأغنياء اللاهون عن الله المضيعون حقوق الله المترفون المنعمون في الدنيا فقد حكى الله عنهم [ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون (٦٩) الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون (٧٠) إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون (٧١) في الحميم ثم في النار يسجرون (٧٢) ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون (٧٣) من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئاً كذلك يضل الله الكافرين (٧٤) ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون (٧٥) ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين (٧٦) فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون (٧٧) ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك] من سورة المؤمن.
[بالكتاب] بالقرآن أو بجنس الكتب السماوية، وفرح بالدنيا ولم يعمل صالحاً [يسجرون] يحرقون وقد بين الله سبب العذاب [ذلكم بما كنتم تفرحون] أي تبطرون وتتكبرون وتتفاخرون وتتطاولون بوفرة مالكم [بغير الحق] وهو الشرك والطغيان وشدة الترف وحرمان حقوق الله والفقراء [تمرحون] تتوسعون في الفرح [بعض الذي نعدهم] أي نرينك قتلهم وأسرهم وهزيمتهم واندحارهم ثم يرجعون إلينا لنجازيهم بأعمالهم، أي أن نعذبهم في حياتك أو نعذبهم في الآخرة أشد العذاب.
وإن شاهدنا الدرس الوافي في عاقبة الترف والغفلة عن الله عذابه الأليم في الدنيا والآخرة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>