للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى النَّبِيِّ صلى اللهُ عليه وسلم وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ فَتَبَسَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ قال: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ؟ قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ. قالَ: اقْعُدْ فَاشْرَبْ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: اشْرَبْ فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اشْرَبْ حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بالْحَقِّ لاَ أَجِدُ مَسْلَكاً (١) قالَ: فَأَرِنِي (٢)، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللهَ تَعَالَى وَسَمَّى (٣) وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ (٤). رواه البخاري وغيره، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما.

زهد الصحابة رضي الله عنهم

١٤٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضاً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَإِنِّي كنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم لِشَبَعِ بَطْنِي حِينَ لاَ آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلاَ أَلْبَسُ الْحَرِيرَ، وَلاَ يَخْدُمُنِي فَلانٌ وَفُلانَةٌ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بالْحَصْبَاءِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَسْتَقْرئُ (٥) الرَّجُلَ الآيَةَ هِيَ مَعِيَ لِكَيْ يَنْقَلِبَ (٦) بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ في بَيْتِه حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ (٧) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. رواه البخاري والترمذي، ولفظه:

قالَ: إِنْ كُنْتُ لأَسْأَلُ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم عَنِ الآيَاتِ مِنَ الْقُرْآنِ، أَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ، مَا أسْأَلُهُ إِلاَّ لِيُطْعِمَنِي شَيْئاً، وَكُنْتُ إِذَا سأَلْتُ جَعْفَرَ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُجِبْنِي حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلى مَنْزِلِهِ، فَيَقُولَ لامْرَأَتِهِ: يَا أَسْمَاءُ أَطْعِمِينَا، فَإِذَا أَطْعَمَتْنَا أَجَابَنِي، وَكَانَ جَعْفَرُ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ. وَيَجْلِسُ إِلَيْهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يُكَنِّيهِ بَأَبِي الْمسَاكِينِ.


(١) سلوكاً: أي أملأت أوعية الطعام وشبعت.
(٢) تقربه مني، فأرني كذا في ن ع، وفي ن ط فأدني.
(٣) قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
(٤) الباقية.
(٥) أطلب منه القراءة.
(٦) يرجع إلى منزله.
(٧) العكة من السمن أو العسل: هي وعاء من جلود مستدير يختص بهما. وهو بالسمن أخص سيلاناً.
أبو هريرة راوي الحديث الفقيه الذي دعا له صلى الله عليه وسلم بالحفظ كان في شدة الجوع: وليس في بيته شيء ويحتاج إلى من يزيل ألم جوعه ويسد رمقه ويلعق إناء السمن قوتاً، هذا هو معنى الزهد يا أخي فأين نحن الآن من هذا العصر الزاهر الباهر الذي أنجب الله فيه أبرار قادة سادة سيرتهم أذكى من المسك الأذقر، ورضي الله عنهم وأرضاهم ونفع بهم إلى يوم القيامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>