للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد الغلامي (١) شيخ الأدباء أخوه محمد الغلامي بن الشيخ مصطفى

هذا الذي بخل الزمان بمثله ... وبفضله وبعلمه وكماله

نادرة الحين ونتيجة الزمان، والماء العذب المعين حيث ما كان.

بدئ به البيان وختم، وله ثبت المعالي ورسم. وبمكارمه هب الزمان وبسم. وفيه ختمت النباهة والبسالة، ولبس ببعيد فمحمد خاتم الرسالة. تفرد بأدبه وفاق، وملأ بمعارفه الآفاق. نثر ونظم.

وأغار على فتح حصون الأدب وهجم.


(١) هو محمد بن مصطفى علي الغلامي. ترجم له صاحب منهل الاولياء فقال: الشيخ محمد بن مصطفى الغلامي. شيخ الادباء، وعلامة الشعراء، فاق في الشعر على اقرانه، وصار فيه امام اهله ورقم عنوانه كان حسن النظم والنثر، رائق الشعر، عذب الكلمات انيق العبارات لطيف الاشارات.
قرأ على الشيوخ وحصل علما كثيرا، ولكن غلب عليه الشعر فكان مكسبه ورأس ماله ومتجره. ومدائحه في ملوك الموصل كثيرة جدا، وكلها رائق معجب، مع حسن صوغ، وجودة سبك. وكذا مدائحه في غيرهم.
وكان قد أصابه نوع مرض غير فكره، واثر في عقله، ومع ذلك فأشعاره في غاية اللطافة والظرافة. وكنت ازوره أحيانا. وكنت قبلها أسمع به واحب ان أراه، فلما رأيته كان عندي كزيد الخيل، لكنه كان من رثاثة الحال وعدم انتظام الزي في مكان لا يجحد .... وكان بينه وبين علي العمري بن علي صحبة تامة وله فيه مداثح كثيرة. والتمس منه صديقنا ابراهيم بن محمد امين ان يمدحه بقصيدة ففعل، فجعل يماطله بالجائزة، فارسل اليه بطلب الفصيدة. مات رحمه الله سنة ست وثمانين ومائة والف. ثم ذكر شيئا من شعره وقال بعد ذلك. وقصائده كلها فائقة ومقاطيعه باسرها رائقة.
وقد ذكرت في كتابي مراتع الاحداق جملة حسنة من نظمه، واوردت معارضاتي لها في اول ابتهاجي بالقريض وتولعي بفنونه.
وبالجملة فليس لاحد من شعراء الموصل من اللطائف ما لهذا الرجل. وانما يلفقون الكلمات حتى يتم الوزن ولا يلتفتون الى انسجام المعاني وجزالتها. وفخامة الالفاظ ورقتها. فمثلهم كناظم لؤلؤ وخرز في ليلة، يجمع الحبات حتى يملأ السلك، ولا يلتفت الى مواقع الحبات ومواطنها اللائقة بها، لقلة ممارسة علم البيان ومطالعة دواوين الفصحاء. وقد ألف كتاب شمامة العنبر، وهو كتاب في تراجم شعراء عصره شعراء عصره، على غرار الروض النضر وقد ترجم لنفسه فيه وذكر بعض شعره (ص ١١٢ - ١٢٢) فاثنى على نفسه-

<<  <  ج: ص:  >  >>