للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن إبراهيم عليه السلام استأذن سارة أن يزور إسماعيل عليه السلام، فأذنت له، واشترطت عليه أن لا ينزل، فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل، فقال لامرأته: أين صاحبك؟ قالت: ذهب (١) يتصيد، قال لها: هل عندك ضيافة؟ قالت: نعم، فجاءت باللبن واللحم فدعا لها بالبركة، فقالت له: انزل حتى أغسل رأسك، فلم ينزل به، فجاءته بالمقام، فوضعته عن شقه الأيمن، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيمن، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر، فغسلت شق رأسه الأيسر، فبقي أثر قدمه عليه (٢).

وذلك الحجر هو مقام إبراهيم الذي يعرفه الناس اليوم، وإذا أطلق مقام إبراهيم لم يفهم إلا الذي هو اليوم في المسجد، ويدل على هذا حديث عمر الذي رويناه آنفا (٣)، وجعل تأثير قدم إبراهيم في الحجر معجزة


(١) ساقطة من (أ)، (م).
(٢) ذكر القصة مطولة مبسوطة الثعلبي في "تفسيره" ١/ ١١٦٤ وقد ذكر الواحدي منها موضع الشاهد، وقد أخرج القصة الطبري في "تاريخه" ١/ ١٥٤ من طرق عن سعيد بن جبير، وذكرها البغوي في "تفسيره" ١/ ١٤٧، الثعلبي أيضا من رواية السدي وغيره في كتابه: "عرائس المجالس" ص ٧١، ورواها الطبري مختصرة من كلام السدي ١/ ٥٣٧، وأصل القصة رواها البخاري (٣٣٦٤) كتاب الأنبياء، وليس عند البخاري غسل رأس إبراهيم ووضع رجله حينذاك على المقام، ومن طريق البخاري أخرجها ابن الجوزي في "المنتظم" ١/ ٢٦٨ ثم ذكر قصة غسل زوجة إسماعيل الثانية لرأس إبراهيم، من رواية عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ١١٦٦ تحقيق د: العنزي.
(٣) قال في "البحر المحيط" ١/ ٣٨١ بعد أن ذكر اتفاق المحققين على هذا القول: ورجح بحديث عمر أفلا نتخذه مصلى. الحديث، وبقراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من الطواف وأتى المقام {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فدل على أن المراد منه ذلك الموضع؛ ولأن هذا الاسم في العرف مختص بذلك الموضع، ولأن الحجر صارت تحت قدميه في رطوبة الطين حين غاصت فيه رجلاه، وفي ذلك معجزة له، فكان اختصاصه به أقوى من اختصاص غيره، فكان إطلاق هذا الاسم عليه أولى =

<<  <  ج: ص:  >  >>