للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصحُّ حملُ الإجابة على القبول إذا حملت الدعاء على العبادة، والدعاءُ ضُرُوبٌ، فما كان توحيدًا وثناءً على الله، كقولك: يا الله لا إله إلا أنت، وقولك: ربنا لك الحمد يكون عبادة، لأنك دعوت الله ثم وحدته وأثنيت عليه، ولهذا يسمى دعاءً، ولما سمى العبادة دعاءً سمى القبول إجابةً؛ ليتجانس اللفظ، ومثله كثير في كلام العرب (١).

وقال ابن الأنباري: {أُجِيبُ} هاهنا معناه: أسمع؛ لأنه أَخْبَر عن قُرْبه تعالى، وظاهر القُرْب يدل على السماع لا على الإجابة، والإجابة قد تكون في بعض المواضع بمعنى السماع؛ لأنها تترتب على السماع، فسمى السماعَ إجابةً، كما تقول: دعوت من لا يجيب، أي: دعوت من لا يسمع.

قال الشاعر:

منزلة صَمَّ صداها وعَفَتْ ... أرسُمُها إن سُئلتْ لم تُجبِ (٢)

أراد: لم تَسْمَع، فنفى الإجابة؛ لأن نفيها يدل على نفي السمع، وكما جعلوا الإجابة بمعنى السمع جعلوا السمع بمعنى الإجابة، فيقال: سمع الله لمن حمده، يراد به: أَجَابه.

وأنشد أحمد بن يحيى عن ابن الأعرابي:

دعوتُ الله حتى خِفْتُ أن لا ... يكونَ اللهُ يَسْمَعُ ما أقولُ (٣)


(١) من "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢٥٥ بتصرف، وذكر ضربين آخرين: أحدهما: مسألة الله العفو والرحمة. وثانيهما: هو مسألته من الدنيا. كقولك: اللهم ارزقني مالا وولدا. وينظر: "البحر المحيط" ١/ ٤٧.
(٢) البيت بلا نسبة في "لسان العرب"١/ ٦١٨، ٢/ ١١٥٢.
(٣) البيت لسمير بن الحارث الضبي في "تاج العروس" ١١/ ٢٢٧ (سمع)، وفي "نوادر أبي زيد" ص ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>