للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحج) خبرا عن (لا جدال) (١).

فأما من فتح فقال: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} فحجته أنه أشد مطابقة للمعنى المقصود، ألا تري أنه إذا فتح فقد نفى جميع الرفث والفسوق، كما أنه إذا قال: {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: ٢]، فقد نفى جميع هذا الجنس، وإذا رَفَع وَنَوَّنَ كان المنفي الواحدَ منه، ألا ترى أن سيبويه يرى (٢) أنه إذا قال: لا غلام عندك ولا جارية، فهو جواب من سأل فقال: غلام عندك أم جارية؟ (٣) فالفتح أولى؛ لأن النفي به أعم والمعنى عليه (٤)، ألا ترى أنه لم يُرَخَّص في ضَرْبٍ من الرَّفَثِ والفُسوق، كما لم يُرَخَّص في ضرب من الجدال، وقد اتفق الجميع على فتح اللام من الجدال؛ لتناول النفي جمع جنسه، فيجب أن يكون ما قبله من الاسمين على لفظه، إذ كان في حكمه (٥)، ومن رفع فحجته أنه يُعلم من الفحوى (٦) أنه ليس المنفي رفثًا


(١) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٩٠ بتصرف، وقال أبو حيان في "البحر" ٢/ ٨٨: قيل: ويجوز أن تكون لا عاملة عمل ليس، فيكون في الحج في موضع نصب، وهذا الوجه جزم به ابن عطية فقال: ولا، في معنى ليس، في قراءة الرفع، وهذا الذي جوزه وجزم به ابن عطية ضعيف؛ لأن إعمال ليس قليل جدا لم أجد منه في لسان إلا ما لا بال له، ثم ذكر أربع شواهد، ثم قال: وهذا كله يحتمل التأويل، وعلى أن يحمل على ظاهره، لا ينتهي من الكثرة بحيث تبنى عليه القواعد فلا ينبغي أن يحمل عليه كتاب الله الذي هو أفصح الكلام وأجله، ويعدل عن الوجه الكثير الفصيح.
(٢) "الكتاب" لسيبويه ١/ ٢٩٥.
(٣) من قوله: فهو جواب ... ساقط من (ش).
(٤) في "الحجة": لأن النفي قد عم.
(٥) "الحجة" لأبي علي ٢/ ٢٩١، قال العكبري في "التبيان" ص ١٢٤: "الفتح" في الجميع أقوى لما فيه من نفي العموم.
(٦) في (م) (النحوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>