للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لحمًا وجلدًا، فكان كذلك، ثم قام بإذن الله تعالى ونهق، فذلك قوله: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} (١).

وقوله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} فيه وجهان من القراءة: الإدغام، والإظهار (٢).

فمن أظهر فلتباين المخرجين، وذلك أن الظاءَ والذالَ والثاءَ من حَيِّز، والطاءَ والدالَ والتاءَ من حَيِّز، فلما تباين المخرجان واختلف الحَيِّزَان لم يُدْغِم.

ومن أدغم: أجراهما مجرى المثلين، من حيث اتفق الحرفان في أنهما من طرف اللسان وأصول الثنايا، واتفقا في الهمس، ورأى الذي بينهما من الاختلاف في المخرج خلافًا يسيرًا. فأدغم، أَجْراهما مجرى المِثْلين، ويقوي ذلك اتفاقُهم في الإدغام في سِتٍّ، ألا ترى أن الدالَ أُلْزِمَتْ الإدغامَ في مقَارِبِهِ وإن اخْتَلَفَا في الجَهْرِ والهَمْس (٣).


(١) حديث منبه هذا، رواه الطبري في "تفسيره" في "تفسيره" ٣/ ٣٢، وفي "تاريخ الرسل والملوك" ١/ ٥٤٨، وذكره الثعلبي بطوله ٢/ ١٤٩٨ - ١٥٠٨، وذكره ابن كثير في "قصص الأنبياء" ٢/ ٣٢٠.
(٢) قرأ ابن كثير ونافع وعاصم في كل القرآن بإظهار الثاء هنا، وفي مثله، كقوله: "لبثتم" [الكهف ١٩] [المؤمنون ١١٢] وقرأ أبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي بالإدغام. ينظر "السبعة" ص ١٨٨، "الحجة" ٢/ ٣٦٧.
(٣) من "الحجة" ٢/ ٣٦٧ - ٣٦٨ بتصرف. والجهر في اصطلاح المجودين: قوة التصويت بالحرف لقوة الاعتماد عليه في المخرج حتى منع جريان النفس معه، والهمس هو: ضعيف التصويت بالحرف لضعف الاعتماد عليه في المخرج حتى النفس معه، وحروفه مجموعة في قولك (فحثه شخص سكت) والباقي حروف الجهر. ينظر "هداية القاري" ١/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>